- صاحب المنشور: كامل الهضيبي
ملخص النقاش:
في ظل عالم يعتمد على المعرفة والابتكار باستمرار، تواجه الجامعات العربية تحديات عديدة تؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم وجودته. هذه التحديات تتضمن نقص التمويل، وتدني مستوى البحث العلمي، وعواقب جائحة كوفيد-19 التي أثرت بقوة على الأنظمة الأكاديمية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحة لتطوير نماذج جديدة لتعزيز الاستدامة المالية والإدارية لهذه المؤسسات الهامة.
ندرة التمويل: الركيزة الأساسية للتغيير
أولى القضايا الرئيسية هي قلة التمويل الحكومي والدعم الدولي للتعليم العالي. غالباً ما تعاني الجامعات العربية من تقشف الحكومة وضعف الدعم الخارجي مما يؤدي إلى تراجع الخدمات المقدمة مثل تدريب أعضاء الهيئة التدريسية، وتحسين البنية التحتية، وشراء المعدات الحديثة. هذا الوضع يجعل من الصعب تحقيق معايير الجودة العالمية ويضعف القدرة على المنافسة داخل السوق الأكاديمية الدولية.
مؤشر البحث العلمي: ضمير الجامعة الحي
يشكل ضعف إنتاج البحوث العلمية مشكلة كبيرة أخرى. رغم وجود العديد من الطلاب المتفوقين وأعضاء هيئة التدريس ذوي الخبرة، إلا أن الإنتاج العلمي ليس بنفس المستوى المرتفع مقارنة بالبلدان الأخرى. عوامل عدة تساهم في ذلك؛ منها عدم التشجيع الكافي لإجراء الأبحاث بسبب الضغوط العملية اليومية وعدم توفر الوقت والموارد اللازمة لها. كما تحتاج الجامعات العربية أيضاً إلى زيادة التركيز على بناء الشراكات المحلية والعالمية والتي يمكنها المساعدة في تطوير المشاريع البحثية وتعزيز التعاون الفكري.
تأثير جائحة كوفيد-19: التحولات الرقمية غير المتوقعة
أحدثت جائحة كوفيد-19 تحولات مفاجئة وغير متوقعة في نظام التعلم التقليدي. اضطرت معظم الجامعات العربية إلى الانتقال نحو التعليم عبر الإنترنت بسرعة وكفاءة عالية لمواصلة أعمالها خلال فترة الحجر الصحي. وعلى الرغم من نجاح بعض التجارب الأولية، إلا أنه يتعين عليها مواجهة مجموعة جديدة تمامًا من العقبات نتيجة لهذا النهج الإلكتروني الجديد لقاعات الدراسة المكتبية المعتادة. تشمل هذه العقبات التفاوت الواسع في الوصول إلى الانترنت، محدودية القدرات الفنية لأعضاء هيئة التدريس، وقلة الاستعداد النفسي لدى الطلاب للاستفادة بكفاءة من البيئات التعليمية الرقمية.
استراتيجيات مستقبلية لاستعادة الاستقرار والاستدامة
للعمل نحو خلق بيئة أكاديمية أكثر قدرة واستدامة ومستعدة للمستقبل، ينصح باتباع الخطوات التالية:
- زيادة تمويل القطاع العام: إن زيادة دعم الدولة مالية وبشرياً سيكون له دور حاسم في رفع مستوى أداء كل جانب من جوانب النظام الجامعي العربي.
- تشجيع ثقافة البحث العلمي: يتطلب الأمر تقديم حوافز أكبر للأكاديميين لأجل تكثيف جهودهم في المجالات العلمية المختلفة. ويمكن القيام بذلك بإطلاق برنامج مكافآت خاص أو منح شهرة علنية لمن يحقق نتائج بحثية بارزة.
- استثمار الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة الأخرى: استخدام الأدوات الرقمية المتاحة حالياً سوف يساعد في حل الكثير من الاختناقات الحالية ويعزز فعالية العمليات الأكاديمية والمعامل اللوجستية ذات الصلة بها.
وفي النهاية، يأتي الحل الأمثل للحفاظ على مكانتهم ضمن سوق العمل العالمي وتحقيق مصالح مجتمعاتها الوطنية على عاتق المؤسسات نفسها لتحسين قدراتها الذاتية وجذب المزيد من رأس المال بشكله البشري والمادي. بهذه الطريقة فقط تستعيد جامعات الشرق الأوسط سيادتها واحتراماً جديداً لعقود قادمة قادرة حقاًَ على تغيير العالم للأفضل.