- صاحب المنشور: سيف اليحياوي
ملخص النقاش:
في عالم الأعمال المعاصر، لم تعد الشركات تقتصر على تحقيق الأرباح فحسب. لقد أصبح دورها أكثر شمولاً ليشمل جوانب اجتماعية وثقافية وتنموية متنوعة. تُعرف هذه الفكرة باسم "المسؤولية الاجتماعية للشركات" CSR (Corporate Social Responsibility). تتناول هذا المصطلح علاقات الشركة مع مختلف أصحاب المصلحة سواء كانوا موظفين، عملاء، مجتمع محلي, حكومة أو بيئة طبيعية.
تتمثل إحدى أهم تحديات المسؤولية الاجتماعية للشركات في تحقيق توازن بين الهدف الأساسي لتحقيق الأرباح وبين القيام بالواجبات المسؤولة نحو المجموعة الواسعة للأطراف المهتمة بالأعمال التجارية الخاصة بها. يمكن اعتبار هذا التوازن كمعادلة دقيقة تحتاج إلى فهم متعمق لعناصر مختلفة مثل الاستدامة البيئية، حقوق الإنسان، الإدارة الأخلاقية للعمليات التجارية، الرعاية الصحية للموظفين والتأثير الاقتصادي الإيجابي داخل المجتمع المحلي.
على سبيل المثال، قد تجد شركة أنها قادرة على تحسين سمعتها العامة ومصداقيتها لدى العملاء من خلال تطبيق سياسات صديقة للبيئة وخفض انبعاثاتها الكربونية. لكن يجب عليها أيضا النظر في كيفية تأثير هذه الخطوة على تكاليف التشغيل وأثرها المحتمل على القوى العاملة لديها وقدرتهم على تحمل الزيادة المحتملة للتكاليف المرتبطة بخدمات إدارة النفايات والمبادرات المتعلقة بتغيّر المناخ.
بالإضافة لذلك، فإن تعزيز الثقافة المؤسسية التي تشجع التعليم المستمر وتمكين المرأة والدخول إلى سوق العمل يعتبر جزءاً أساسياً من مسؤولية الشركة الاجتماعية أيضاً. إن تقديم فرص تدريبية مجانية لسكان المناطق الفقيرة بالقرب من موقع مصنع الشركة مثلاً يساهم ليس فقط في تطوير مهاراتهم العملية ولكن أيضًا يعزز العلاقات المجتمعية ويقلل معدلات الجرائم المرتفعة غالبًا بسبب البطالة.
ومع ذلك، هناك العديد من العقبات أمام تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بكفاءة. أحد أكبر المشاكل هو الافتقار إلى وجود نظام قوي للإبلاغ والمراقبة الذي يتيح مقارنة أداء شركات مختلفة في مجال أخلاقيات الأعمال واستجابتها لقضايا الصحة العامة والقضايا السياسية والثقافية المختلفة. علاوة على ذلك، يشعر بعض المديرين التنفيذيين بأن تركيز الشركة الروتيني على مصالح حملة الأسهم والأرباح القصيرة الأجل يحجب القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية طويلة المدى ذات طابع سياسي واجتماعي كبير.
إن تحديًا آخر يتمثل في الموازنة الدقيقة بين مواقف الحكومة المختلفة عبر البلدان حول العالم بشأن مستوى التدخل الحكومي في نموذج عمل الشركات فيما يتعلق بالتزاماتها القانونية المفروضة بأسم السياسات الوطنية للاستقرار الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي وضمان رفاهية جميع أفراد الشعب بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي الحساس للغاية الذي تمر به بعض الدول حاليا نتيجة لتغير الظروف العالمية وظروف عدم اليقين لدى قطاع الشركات خاصة الصغيرة منها والتي تعتبر العصب الرئيسي للاقتصاد العالمي بشكل عام .
وفي النهاية ، فإن نجاح أي خطوة نحو تبني نهج شامل لمسؤوليتها الاجتماعية للشركة يعتمد بشكل كبير على قدرتها على إدراك ومتابعة الاتجاهات الناشئة الجديدة في المجالات الرئيسية الأربع التالية : الأول : التركيبة السكانية للسوق الاستهلاكية حيث تلعب ديناميكيات السوق دوراً مفصليا في تحديد مدى قبول الجمهور لهذه الممارسات المقترحة ؛ الثاني : التأثيرات المالية المبنية علنية الطاقة والإنتاج الغذائي وصناعة الرعاية الصحية وغيرها ؛ الثالث : التحولات التقنية غير المسبوقة؛ الرابع والأخير ولكن ربما الأكثر أهمية ، وهو عامل الوقت والحاجة لإحداث تغيير جذري في نظرته الطلابية للعلاقة بين المال والمجتمع مستقبله وفهمه لحجم دوره كمواطن مسئول وعضو فعال ضمن نسيجه الاجتماعي الأكبر بإنجازاته الإنسانية المشتركة وجوانب الحياة اليومية له ولكل شخص يعمل بج