- صاحب المنشور: الجبلي المدني
ملخص النقاش:
لقد أدى ظهور التكنولوجيا الرقمية إلى تغيير جذري في الطريقة التي نتفاعل بها داخل الأسرة. هذه الثورة كانت لها آثارها الإيجابية والسلبية على الدور الذي يقوم به كل فرد ضمن العائلة. فيما يلي نظرة متعمقة حول كيفية تأثير العالم الرقمي على الأدوار الاجتماعية والأسرية التقليدية:
1. دور الأم والرعاية المنزلية
قبل عصر الإنترنت، كانت الأم غالباً هي المسؤولة الأولى عن رعاية الأطفال وتنظيم البيت ورعاية شؤون الأسرة الأخرى. اليوم، مع توفير الخدمات الإلكترونية مثل البقالة عبر الإنترنت والتسوق الالكتروني وغيرها من الخدمات الموفرة للوقت، قد تحرر بعض النساء من جانب العمل المنزلي اليدوي. ولكن هذا التحول لم يأت بدون تكلفة؛ فقد زاد الوقت الذي يقضيه الأفراد أمام الشاشات الرقمية مما قلص التواصل الجسدي والعاطفي بين أفراد الأسرة.
2. دور الآباء كمرشدين وقادة
كان الآباء عادة هم المرجع الرئيس للأطفال بشأن القرارات الحيوية والإرشادات الأخلاقية والدينية. ولكن الانفتاح الكبير للمعلومات عبر الشبكة العنكبوتية يعني الآن توافر مصدر آخر كبير للإرشاد - وهو الإنترنت نفسه. يمكن لهذا المصدر الجديد تقديم معلومات متنوعة ومختلفة تماماً عما يتم تعلمه داخل البيئة الأسرية المحافظة. وهذا يشكل تحدياً جديداً لآباء اليوم الذين يسعون لإبقاء ثقافة وأخلاقيات عائلتهم حاضرة وسط هبوب موجة المعلومات الحديثة.
3. مشاركة الأولاد في الأعمال المنزلية والمسؤوليات الأسرية
غالباً ما كان يُنظر إلى أعمال المنزل والحفاظ عليها كجزء أساسي من مسؤوليات المرأة في الماضي. ومع ذلك، فإن زيادة الاعتماد على العمالة الخارجية أو الخدمات المبرمجة جعلت الأمر أكثر ديمقراطية بالنسبة لأفراد الأسرة الذكور أيضًا لتولي بعض تلك المهام. سواء كان يتعلق بتحضير وجبات الطعام أو القيام بالأعمال المنزلية الروتينية، أصبح هناك قبول أكبر لهذه المشاركة المتبادلة بين أعضاء المنزل.
4. التأثير النفسي والجسدي لاستخدام الشاشة الزائد
العيش تحت ضغط الاستخدام المستمر للتكنولوجيا يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية لكل عضو في الأسرة. انعدام النوم بسبب استخدام الهاتف قبل النوم مباشرة أو مشاكل التركيز بسبب تعدد المشتتات الرقمية هما مجرد مثالان بسيطان لكيفية تأثير التكنولوجيا سلبًا على الحياة الاجتماعية والعلاقات الأسرية.
5. بناء روابط جديدة خارج نطاق العائلة التقليدي
أصبح بإمكان الأشخاص بناء صداقات واتصالات عبر الحدود الثقافية باستخدام وسائل الاتصال الحديثة مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام وما إلى ذلك... بينما تقدم لنا هذه الوسائل عالمًا مليئا بالتنوع والثراء المعرفي، إلا أنها طورت أيضا منظورًا مختلفًا للحياة الشخصية حيث يمكن للشخص بناء مجتمع افتراضي يحقق له رضا نفسي بعيدا عن دائرة المقربين منه بيولوجيًا.
وفي النهاية، رغم التحديات العديدة التي تطرحها العصرنة التقنية، تبقى القيم الأساسية للعلاقات الأسرية قائمة ومتجذرة بقوة في المجتمعات المحلية والثقافات المختلفة. إنها مسألة كيف نسعى لاعتماد أفضل ما تقدمه التطورات الحديثة مع الاحتفاظ بأهم حقوقنا وهياكلنا الأسرية التقليدية الغنية بالتاريخ والقيم الإنسانية الراسخة.