- صاحب المنشور: تغريد الغنوشي
ملخص النقاش:
في العصر الحديث الذي يُعرف بالعصر الرقمي، أصبح للتطور التكنولوجي تأثيرات عميقة ومتنوعة على مختلف جوانب الحياة البشرية. أحد المجالات التي أثرت عليها هذه التحولات هو الصحة النفسية، خاصة بالنسبة للأجيال الرقمية الذين ولدوا وعاشوا داخل البيئة الرقمية منذ طفولتهم. هذا المقال سيستكشف كيف يمكن لتكنولوجيات مثل وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية والواقع الافتراضي أن تؤثر إيجابياً وسلبياً على صحتهم النفسية، وستناقش الدراسات والأبحاث الحديثة حول هذه المسألة الحيوية.
من ناحية الإيجابية، توفر التكنولوجيا العديد من الفرص للمساعدة في دعم الصحة النفسية. تتيح وسائل التواصل الاجتماعي فرص التواصل مع الآخرين حتى في ظل الظروف الاجتماعية المقيدة، مما يوفر شعوراً بالارتباط المجتمعي والدعم النفسي. كما توفر الألعاب الإلكترونية والمحتوى التعليمي عبر الإنترنت طرقاً ممتعة وملائمة للتعلم والاسترخاء. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحسن ملحوظ في الوصول إلى خدمات الاستشارة والعلاج النفسي عبر المنصات الرقمية، والتي قد تكون أكثر سهولة وأقل تكلفة بكثير مقارنة بطرق العلاج التقليدية.
مع ذلك، هناك أيضاً جانب سلبي واضح لهذه الفضائل الرقمية. الزيادة المفرطة في استخدام الشاشات قد تتسبب في اضطراب النوم والشعور بالإرهاق العقلي والجسدي. الواقع الافتراضي، رغم أنه جذاب للغاية، إلا أنه قد يؤدي إلى الشعور بعزلة اجتماعية حقيقية عندما يتم الاعتماد عليه كوسيلة رئيسية للتواصل الاجتماعي. علاوة على ذلك، فإن أشكال التنمر الإلكتروني والإدمان على المحتويات الضارة عبر الإنترنت تشكل تهديدات كبيرة ضد سلامتنا النفسية.
الدراسات العلمية الأخيرة أكدت وجود ارتباط بين الوقت الطويل أمام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول وبين زيادة أعراض الاكتئاب والقلق لدى الشباب. إحدى الدراسات التي أجريت عام 2019 وجدت أن الحد من وقت الشاشة اليومي بمعدل ساعتان تقريباً أدى إلى انخفاض كبير في مستويات القلق والاكتئاب بين طلاب المدارس الثانوية [1]. مثال آخر يأتي من جامعة كولومبيا البريطانية حيث تم ربط التعرض المستمر لوسائل الإعلام الاجتماعية بنوع جديد غير معروف سابقًا من الأمراض النفسية يسمى "الأذى الجهازي" والذي يشمل الأعراض مثل الخوف من تفويت شيء مهم ("FOMO") وعدم القدرة على ترك هاتف الشخص الخاص به جانبا لفترة طويلة [2].
التوازن إذن يبدو الحل الأنسب هنا؛ فبينما نستفيد من نقاط قوة تكنولوجيتنا المتطورة، علينا أيضا العمل على تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة مدى تعاملنا مع تلك الأدوات. إن فهم كيفية التأثير الصحي للتكنولوجيا وإدارة توقعاتنا بشأن استخداماتها العامة سيكون خطوة أولى نحو تحقيق توازن أفضل صحة نفسية وسط عالم رقمي متزايد السرعة.
المراجع:
[1] الباحثون بالمؤتمر الدولي لعلم نفس الأطفال والشباب, 2019
[2] مؤتمر الجمعية الأمريكية لعلم النفس السنوي, 2018