- صاحب المنشور: ريانة بن عبد الكريم
ملخص النقاش:
في عالم اليوم الرقمي المترابط، أصبح التأثير الذي تمارسه وسائل الإعلام والتكنولوجيا غير مسبوق. أحد التحديات الأكثر بروزاً هو انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات الخاطئة التي يمكنها تشكيل وتغيير الرأي العام بطرق قد تكون مدمرة. هذه الظاهرة ليست مجرد قضية صحفية أو تقنية؛ بل هي مسألة اجتماعية عميقة الجذور لها تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة.
الأخبار الزائفة، والتي غالباً ما يتم نشرها بسرعة عبر الإنترنت وفي مجموعات التواصل الاجتماعي الضخمة، تتعمد تضليل الجمهور عادة بغرض تحقيق الأرباح التجارية أو لتحقيق أجندات سياسية معينة. هذا النوع من المحتوى يعتمد بنسبة كبيرة على الاستقطاب العاطفي والإثارة بدلاً من الدقة والمصداقية. عندما تتسرب مثل هذه التقارير الكاذبة إلى دائرة الثقة العامة، فإنها يمكن أن تعزز مجموعة متنوعة من الأفكار والآراء الخاطئة حول مواضيع مهمّة كتغير المناخ، الصحة العامة، والأمن القومي.
على سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد-19، شهدنا موجة هائلة من المعلومات الخاطئة المتعلقة بالأعراض، العلاج، والعواقب الاقتصادية للوباء. أدى ذلك إلى زيادة حالة عدم اليقين والخوف بين الناس مما جعل اتخاذهم لقرارات مستنيرة أكثر صعوبة. بالإضافة لذلك، فقد أثرت تلك الرسائل الإخبارية الزائفة أيضًا على سياسات الحكومات وأدت إلى تأخيرات في الاستجابة الفعالة للأزمة الصحية العالمية.
إن القدرة على تحديد وإعادة صياغة الحقيقة في عصر المعلومات الزائد تعتبر ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى. يتطلب الأمر جهدًا جماعيًا ومتعدد الأوجه يشمل المؤسسات التعليمية، الصحافة الاحترافية، والحكومات لزيادة الوعي وتعزيز ثقافة التحقق قبل التصديق. فالتعليم القائم على النقد والاستقصاء يجب أن يُصبح جزءًا أساسياً من البرامج الأكاديمية لتدريب الطلاب على تمييز الحقائق عن الإشاعات وتحليلهم للمصادر المعلوماتية المختلفة بعناية أكبر. كما ينبغي دعم وسائل الإعلام المستقلة والموثوق بها مالياً حتى تستطيع تقديم محتوى صادق ومفصل للقراء والقائمين بالمراقبة.
وفي النهاية، يكمن الحل الأمثل لهذه المشكلة في بناء مجتمع رقمي مسؤول يعمل بصورة مشتركة ضد الانتشار غير المنضبط لأخبار زائفة وتمكين المواطنين بأن يكون لهم دور فعال عند التعامل مع المصدر الرئيسي للقرار المجتمعي - وهو الشبكات الاجتماعية نفسها التي سهّلت دخول الكثير منها تحت تأثير التشويش الإعلامي والكذب المغلف برداء الصحافة المسئولة! إن مفتاح الانطلاق نحو طريق أفضل يقبع بالتأكيد ضمن استراتيجيات تحديث نماذج العمل الصحافي التقليدية واستحداث نماذج جديدة تقوم بتوجيه البيانات القصيرة نحو قيم حقيقية راسخة مبنية على الشرعية والفائدة الإنسانية الأساسية والتي ستضمن بالحتم الوصول نحو بيئة معلومات أخف وزنا بكثير وبالتالي أقل عرضة للتلاعب ولعب الأدوار السوداوية المصطنعة خلف شاشاتها الواسعة المداهمة!