- صاحب المنشور: عبد البركة المدغري
ملخص النقاش:
في ظل التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، يبرز التكافل الاجتماعي كأحد أهم العوامل المؤثرة في تماسك وتلاحم المجتمعات. يتناول هذا المقال الدور البارز الذي يلعبه الدين الإسلامي في تعزيز العلاقات الاجتماعية وتمتين روابط الأخوة بين الأفراد ضمن مجتمع واحد. يسلط الضوء على القيم والأخلاقيات الإسلامية التي تشجع على التعاون والمساعدة المتبادلة والرحمة تجاه الآخرين، مستعرضًا نماذج عملية من التاريخ والسيرة النبوية الشريفة لتأكيد هذه المفاهيم. كما يناقش كيف يساهم فهم وممارسة هذه التعاليم في بناء مجتمع أكثر انسجاماً واحتراماً متبادلاً.
يشدد الإسلامُ على أهمّيّة التآزرِ والتعاونِ بين أفرادِ المجتمع المسلم؛ حيث جاءَ ذكر ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بصورة واضحة وبليغة تؤكد ضرورة تقديم يد العون للمحتاجين والحفاظ على حقوق الضعفاء والمستضعفين.
تعتبر قيمة "التواد" أو المحبة وصلة الرحم جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للإنسان المسلم بحسب الحديث القدسي:" أنا ربكم تباركت فمن وصل رحمه وصلته ومن قطعها قطعتيه". وهذا يشمل ليس فقط الأقارب البيولوجيين ولكن أيضاً كافة أبناء الوطن الذين تربطهم علاقة اجتماعية متينة.
نماذج تاريخية:
السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:
هي مثال حي لمفهوم التكاتف الاجتماعي حيث كانت خير عون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال سنوات دعوته الأولى ودعمته ماديا ومعنويا حتى استقر أمر الدعوة وانتصر الحق.
عمل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنصار بالمدينة المنورة:
بعد هجرة الرسول إلى المدينة شكل آنذاك تحالفاً فريداً مع أهل المدينة المنورة المعروف باسم "العهد الأول"، والذي تضمن مشاركة الأغنياء لأموالهم وللحماية بينما أخذ الفقراء منهم العلم والدعوة. وقد أكدت القصة التاريخية لهذه الفترة مدى الاحترام المتبادل والعزم المشترك لدى كلتا الجماعتين لتحقيق هدف مشترك وهو نشر رسالة الإسلام وتكوين دولة قائمة على مبدأ العدالة والمساواة.
التكافل الاقتصادي:
يعكس نظام الزكاة أحد أشكال التنظيم الاقتصادي الفريد بموجب الشرع الإسلامي والتي تساهم بشكل كبير في دعم المحتاجين والقضاء على الفقر داخل المجتمع المسلم. بالإضافة لذلك فقد تشجع الأحكام الشرعية الأخرى مثل الصدقات والإحسان وقسمة الغنائم وغيرها من الأعمال الخيرية المختلفة التي تدعم الفقراء والمحتاجين وتحافظ بذلك على تماسك المجتمع واستقراره الاجتماعي.
دور التربية الإسلامية:
تلعب الأسرة دوراً محورياً في غرس مفاهيم وأخلاقيات التكافل منذ مرحلة الطفولة المبكرة عبر القصص التعليمية والقصائد الحماسية وما شابه مما يساعد الطفل لاحقا بتشكيل شخصيته المستقبلية وفق منظومة معتقداته الدينية وثقافته الوطنية.
الاستنتاج:
يبقى تأثير تعاليم دين الإسلام واضحاً وملفتاً للانتباه فيما يتعلق بقضية تكامل وحدوية المجتمعات والأمم المتحابة. إن احترام واحتواء تنوع الآراء والفئات الخاصة يعد شرط أساس لبقاء تلك الوحدة قائمة وصامدة ضد أي انهيارات محتملة قد تحدث نتيجة عوامل خارجية مختلفة.