الكربون، هذا العنصر الرائع والكبير التأثير في عالم المواد الكيميائية، والذي يُشكِّل أساس كل الحياة على وجه الأرض. إنه ذلك العضو الخامس عشر في الجدول الدَّوري ومعروف برقم ذري خاص به هو "٦"، ويتمتع بخصائص فريدة جعلته محور اهتمام وعجب، فهو ليس فقط قاعدة لأكثر من ملايين مركبات عضوية ولكن أيضًا مصدر للألماس - تلك الروعة النقية التي تعتبر جوهرة بين المعادن.
إن الكربون ثابتٌ كيميائيًا باستثناء ظروف متقدمة جداً، مما يجعله مقاومًا لحموض مثل حمض الهيدروكلوريك وحمض الكبريتيك. هذه الخاصية هي سبب استخداماته المتعددة في تصنيع قلم الرصاص التقليدية، بطاريات الطاقة الشمسية وغيرها الكثير. وخلافًا لما يعتقده البعض فإن السود الكربون قد يكون ضارًا بصحة الجهاز التنفس إذا تم تناوله بشكل غير مباشر.
أمّا الألماس، هنا يكمن السحر الحقيقي! هذا المظهر البلوري للكربون هو أحد أكثر المواد صلابة ومعرفتها البشر منذ القدم. بالأمس القريب كان الألماس يقتصر وجوده داخل الأنفاق البركانية القديمة قبل اكتشاف طرق إنتاجه صناعياً. اليوم أصبح جزءاً رئيسيًا من العديد من القطاعات بما فيها الأدوات الطبية والإلكترونيات عالية المستوى بسبب خصائصه الفيزيائية المذهلة والتي تتمثل في عزل كهربي ممتاز وقدرة نقل حرارية جيدة للغاية.
وتعود قصة نشأة الألماس إلى نبضات قلب عميق تحت سطح الأرض. عندما تجتمع الظروف المثالية، تقسو روابط الكربون وتشكل بلورات نقية تسمى ألماسة. ومن الجدير بالملاحظة أنه حتى الآن رغم الجهد الكبير لتحقيق نفس التركيبة المحكمة لهذه البلورات سواء بالحرارة أو الضغط إلا أنها تبقى عملية مستعصية مستخدميها حاليًا لصنع مواد مشابهة ذات خواص جيّدة لكن مختلفة تمام الاختلاف عن الأصل الطبيعي للألماس.
وأخيرًا وليس آخرًا، تعد جنوب إفريقيا موطن أغلب عمليات تنقيب الألماس حول العالم. حيث يصل وزن الاستخلاص السنوي حوالي ٢٨٠٠٠٠ كيلوغرام وهذا يساوي مليونا ومائه ألف قطعة قيراط بينما تأتي كميات صغيرة منه أيضا من كندا وأستراليا وروسيا والبرازيل.
في النهاية، يبقى لعشق الإنسانية للألماس تاريخ طويل ومتشابك بدءا بسحره الجمالي وانتهاء بإنجازات علميه أثرت حياة الناس بشكل كبير وغدت رمزا لإبداع الخالق سبحانه وتعالى ودلائلاً واضحه لقوة العلم والتقدم.