- صاحب المنشور: سامي الدين الأنصاري
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، أثرت التطورات التكنولوجية بشكل كبير ودرامي على الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا البعض. لقد أدخلت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت ثورة غير مسبوقة في تواصل البشر؛ فقد جعلت العالم أقرب بكثير وأتاح للمستخدمين الوصول إلى كم هائل من المعلومات والتفاعل مع الآخرين بغض النظر عن المسافة الجغرافية أو الزمن الفعلي. هذه التحولات الرقمية لها جانبٌ مشرق وجانب مظلم.
على الجانب الإيجابي، سهّلت التقنيات الحديثة عمليات الاتصال بين الأصدقاء والعائلات الذين يعيشون بعيداً، وتسهيل الأعمال التجارية عبر الإنترنت، وتعزيز فرص التعليم والإعلام المتاحة للجميع تقريباً حول الكوكب. كما أنها خلقت شبكات دعم جديدة للأفراد المصابين بأمراض مزمنة أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حيث يمكنهم الالتقاء بمجموعات داعمة ومشاركة تجاربهم. بالإضافة لذلك، فإن وجود المنصات الإلكترونية يوفر الفرصة لتوصيل الأفكار والمعرفة بسرعة وكفاءة أكبر مما كان عليه الوضع قديماً عندما اعتمد البشر بشكل أساسي على الصحف والمجلات المطبوعة والبريد.
إلا أنه وعلى الرغم من كل الفوائد المذكورة أعلاه، إلا أن هناك آثار جانبية ملحوظة لهذه الثورة التكنولوجية والتي تحتاج إلى مناقشة متأنية. فالإدمان المحتمل لوسائل التواصل الاجتماعي قد يساهم في عزلة اجتماعية حقيقية لدى الكثير ممن يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات الرقمية تاركين الحياة الواقعية خلفهم. ومن الجدير بالذكر أيضاً قضية خصوصية البيانات الشخصية وما يتعلق بحماية البيانات الحساسة أثناء تبادلها رقمياً. وهناك خطر آخر وهو انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات عبر الإنترنت مما يؤثر مباشرة على جودة القرارات العامة وفي كثيرٍ من الأحيان قد يدفع باتجاه تصاعد العنف والكراهية المجتمعية بسبب سوء التأويل والخطأ في فهم الموضوع الأساسي للنشر الإعلامي الجديد هذا.
ومن المهم هنا الاعتراف بأن تأثير التكنولوجيا ليس حالة ثابتة بل تتطور باستمرار بالتوازي مع تقدم البحث العلمي والابتكارات الجديدة. ولذلك علينا كأفراد وباحثين ومتخصصين أن نتابع ونحلل دور التكنولوجيا بصورة مستمرة وأن نحاول التنبيه لمسببات الضرر المحتملة وإيجاد حلول مبتكرة لحفظ حقوق الإنسان وضمان سلامته النفسية والجسدية داخل البيئة الرقمية المتنامية اليوم. إنها مسؤوليتنا المشتركة للحفاظ على توازن صحِ في استخدام المعرفة الآنفة الذكر وذلك لصالح الجميع بلا استثناء مهما كانت اختلافاته الثقافية والفلسفية.
وفي النهاية، يكمن الحل الأمثل لهذا الدوران المستمر للتوفيق بين الروابط الإنسانية التقليدية والروابط الناشئة حديثا ضمن المجال الرقمي - ربما - في تعليم الناس كيفية الاستخدام الآمن والسليم للتكنولوجيا منذ الصغر حتى يتم تضمينها بطبيعتها المعتادة لقيمتهم الذاتية والحفاظ المثالي لكل فرد لشخصيته الفريدة وسط تلك الموجة الهادرة التي تشكل حياتنا اليوم أكثر فأكثر يومًا بعد يوم!