- صاحب المنشور: منتصر بن الطيب
ملخص النقاش:
التطور الهائل للتكنولوجيا في العصر الحديث ترك بصماته الواضحة على جميع جوانب الحياة البشرية، ومن بينها العلاقات الأسرية. إن التأثيرات التي خلفها هذا التحول تكنولوجي كبير متنوعة ومتشعبة؛ فهناك من يرى أنها عززت التواصل بسبب وسائل الاتصال الفورية المتاحة اليوم، بينما يشعر آخرون بأن هذه التقنيات أدت إلى تراجع الجوانب الإنسانية الحقيقية للعلاقات الاجتماعية داخل المنزل.
إن الدراسات المختلفة حول العالم تؤكد وجود اختلاف واضح في كيفية تأثير التكنولوجيا على الأسرة بناءً على عدة عوامل مثل العمر والثقافة والتقاليد الدينية والاقتصادية وغيرها. ففي بعض الثقافات والعائلات ذات الطبيعة المحافظة، قد يُنظر إلى استخدام الأجهزة الرقمية والمواقع الإلكترونية باعتباره تهديدا للروابط الأسرية التقليدية. هنا يمكننا رؤية دور الأمهات اللواتي كن يلعبن دورا محوريًا في تعزيز الروابط القوية داخل البيت قبل الثورة المعلوماتية، حيث أصبح الوقت الذي تقضيانه مع أفراد العائلة محدودا للغاية بسبب الضغوط المرتبطة بمهام العمل خارج المنزل والاستخدام المكثف لأدوات التشغيل الآلي المنزلي والألعاب الإلكترونية للأطفال.
ومن ناحية أخرى، فإن العديد من الشباب الأصغر سنّا يستخدمون الإنترنت كوسيلة رئيسية للحصول على التعليم والمعرفة وكذلك لتعزيز صداقات جديدة وممارسة الهوايات المشتركة عبر شبكات افتراضية بعيدة المدى مما يعطي شعورا بالانفتاح العالمي ويخلق فرص عمل فريدة.
بالإضافة لذلك، هناك جدلاً مستمرا بشأن مدى خطورة تعرض الأطفال الصغار لهذه الوسائط الجديدة وما إذا كانت لها آثار نفسية واجتماعية طويلة الأمد عليهم أم لا. فقد أثبتت التجارب العلمية انخفاض مستوى التركيز لدى الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات الذكية مقارنة بتلك التي تشجع اللعب الخارجي والحوار المباشر.
وفي المقابل أيضاً، تعدّ الشبكات الاجتماعية طريقة فعالة لإعادة التواصل بين الأقارب البعيدين وإنشاء مجتمع افتراضي مترابط يحافظ على روح الأخوة والجيرة حتى ولو كانوا جغرافياً متباعدين جداً. كما أنه يعد مصدراً مهماً للمعلومات الصحية والنفسية والدعم الاجتماعي خاصة للفئات الأكثر عرضة للإهمال أو الاستبعاد الاجتماعي كالنساء المسنات وكبار السن عموما.
ختاماً ، يبدو جليا أنه ينبغي لنا إعادة النظر بجوانب حياتنا الخاصة واستراتيجيات التربية لدينا لتجنب أي عواقب جانبية غير مرغوب بها ناجمةعن ثورة التكنولوجيا الحديثة وضمان استمرار رباط وثيق وبناء ضمن نطاق الأسرة الصغيرة وخارجها أيضا .