- صاحب المنشور: علاء الدين بن توبة
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي، حيث ازداد الاعتماد على التكنولوجيا كأداة يومية في جميع جوانب الحياة، أصبح من الضروري النظر إلى الآثار التي تتركها هذه التقنيات الجديدة على بنيتنا الاجتماعية الأساسية - العائلة. إن تحليل تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية يتطلب فهماً شاملاً لكيفية استخدام أدوات الاتصال الحديثة وكيف يمكن لها تعزيز الروابط الأسرية أو تقويضها. سنستكشف هنا كيف تساهم التكنولوجيا في جعل التواصل مع الأقارب أكثر سهولة، ولكن أيضاً قد تؤدي إلى انخفاض جودة الوقت الذي نقضي معهم مباشرة.
من الناحية الإيجابية، توفر وسائل الإعلام الرقمية فرصاً هائلة للعائلات للبقاء على اتصال حتى عندما تكون المسافات بينهم كبيرة. خدمات الرسائل الفورية والتطبيقات المشتركة للمحادثات المرئية مثل Zoom وSkype وغيرها تسمح للأفراد بمشاركة لحظات حياتهم اليومية، سواء كانت صغيرة أم كبيرة. هذا يضمن بقاء روابط القربى قوية، حتى لو لم يتم رؤية بعض الأفراد شخصياً منذ فترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتكنولوجيا أن تساعد في تشجيع النشاطات الجماعية عبر الإنترنت، مما يعزز الشعور بالانتماء وتبادل الخبرات المشتركة.
ومع ذلك، هناك جانب آخر لهذه القصة. الاستخدام المكثف للتكنولوجيا داخل المنزل يمكن أن ينقص من وقت التواصل الشخصي والجسدي. الأطفال والبالغين على حد سواء يقضون ساعات أمام الشاشات، مما يؤثر ربما سلبًا على مهارات التعامل الاجتماعي وجهًا لوجه. فقدان الزمن النوعي الذي يتم قضائه مع أفراد العائلة بدون حواجز رقمية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة يمكن أن يساهم في تصاعد مشكلات الثقة والمشاركة الداخلية ضمن الدائرة الأسرية.
لتفسير هذه الظاهرة بشكل أفضل، دعونا نفحص الدراسات الأخيرة حول الموضوع. وجدت إحدى الدراسات أن الوالدين الذين يستخدمون هواتفهم أثناء تناول الطعام مع أبنائهم أقل عرضة لتقديم دعم عاطفي أكبر لأطفالهم خلال تلك الفترة مقارنة بأولئك الذين لا يحملون هواتفهم. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن زيادة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مرتبطة بانخفاض احترام الذات والشعور بالعزلة لدى الشباب.
بالإضافة لذلك، فإن نوع المحتوى الذي نتفاعل معه يلعب دوراً حاسماً أيضا. بينما يمكن لاستخدام المنصات التعليمية والفنية وتعزيز المهارات بأنواع مختلفة أن يفيد كل فرد وفائدته قد تمتد لعلاقاته الأسرية، إلا أنه يوجد خطر كبير فيما يتعلق بالمحتوى السلبي والذي يشمل العنف العنيف ورسائل غير مناسبة الأخرى والتي بالتأكيد ستكون لها تأثيرات ضارة بحياة الإنسان وعلاقاته عموما والعلاقات الاسرية بخاصة .
ختاماً، يبدو الأمر واضحا الآن؛ فالتكنولوجيا تتمتع بتأثير ثنائي الجانبين على العلاقات الأسرية – فهي تكسب الكثير وقد تخسر البعض أيضًا. الحل يكمن في تحقيق توازن مناسب واستخدام ذكي لهذه الأدوات الهامة بطرق صحية وآمنة ومُنمّقة اجتماعيًا لتحقيق هدف عالٍ وهو بناء مجتمعات أقوى وأكثر ارتباطا وسعادة داخل البيت الواحد وخارجه.