الدُّنْيَا ليست مجرد مكان للعيش والموت، بل هي محطة اختبار للإنسان لتقييم مدى استعداده للآخرة. الإسلام يقدم نظرة فريدة حول الحكم على الحياة الدنيوية، متوازنةً بين تحقيق طموحات الفرد وأهدافه مع الالتزام بتعاليمه الروحية والأخلاقية.
في الإسلام، يُعتبر البحث عن الرزق والحصول على الثروة أمراً مشروعاً ومحفزا بشرط أن يتم ذلك بطرق مشروعة وبدون ظلم لأحد. القرآن الكريم يؤكد هذا في قوله تعالى "وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" [الأعراف: 31]. بينما يشجع الدين المسلم على العمل الجاد والإنتاج، إلا أنه يحذر أيضاً من الغلو في حب المال والاستمتاع المفرط بالعالم الزائل.
على الجانب الآخر، تعتمد العديد من الثقافات والعادات البشرية الأخرى على قياس نجاح الإنسان بناءً على ثروته وعمره الطويل ونوعية حياته. هذه القيم غالباً ما تتضمن استخدام الموارد بشكل مفرط وتجاهل الاحتياجات الأساسية للمجتمع.
من الجدير بالذكر أن بعض التجارب التاريخية والفلسفية قد اقترحت فكرة رفض العالم تماماً كوسيلة لتحقيق التقوى الروحية. ولكن، الإسلام يدعو إلى مواجهة تحديات الدنيا بحكمة وصبر، معتقداً بأن الصراع ضد شهوات النفس هو جزء حاسم من الرحلة نحو الكمال الروحي.
بالتالي، فإن رؤية الإسلام لحكم الدنيا هي دعوة متوازنة للتطور الشخصي والمادي ضمن حدود الضوابط الأخلاقية التي تضمن العدالة الاجتماعية والاستقرار النفسي. إن فهم هذه الرؤية يساعد الأفراد على الاستفادة المثلى من فرص الحياة الدنيوية دون الانجرار خلف مغرياتها المؤقتة.