إن حديث الإسلام عن أهمية ارتباط الأقارب وتوطيد العلاقة مع أفراد عائلتنا هو جزء أساسي من رسالة الدين الحنيف. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، يُشدد على ضرورة رعاية الوالدين والإحسان إليهما، وكذلك المحافظة على روابط الأخوة بين إخواننا وأخواتنا، بالإضافة إلى زيارة الأقارب وصلة الأرحام.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، مما يؤكد مدى بركة وصلاح هذه الفضيلة في حياة المؤمن. إن قطع الصلة قد يكون سبباً في الحرمان من الخير والمال كما جاء في الحديث الآخر: "من أحب أن يبسط له في رزقه ويعمر له في أثره فليصل رحمه".
كما أكدت السنة النبوية أيضاً على فضل وصلات الرحم وحسن تأثيراته الاجتماعية والنفسية، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يدخل الجنة قاطع رحم". وهذه النصوص الشرعية تشجع المسلم على البحث الدائم عن طرق لتعزيز العلاقات الأسرية والبذل للعطف والتقدير تجاه أقربائه مهما كان بعد المقام جغرافياً.
وعلى الصعيد الأدبي والعاطفي، فإن شعراء العرب القدماء لم يغفلوا ذكر فضائل صلة الرحم في قصائدهم ومدائحهم، فهي رمز للوفاء والحنان والحفاظ على تراث وعادات ممتدة عبر القرون. ومن أشهر أبياتها قول ابن نباتة المصري:
"وَإِنَّ حَبَّتي مَنْ كُنتُ خُصِصتُهما لكُمَا وَأَمَرُّ الطِّباع عليَّا."
وفي هذا السياق أيضاً، يذكر الشاعر أبو فراس الحمداني مشاعره تجاه أبناء عمومته قائلاً:
"فَلَو كُنّا في مَعشَرٍ غَيْرِ مُؤَلِّف لَكانَ أَهْلِي ذوي قُرْبَةٍ مِنّي حَدّاً."
بهذا المعنى الرائع المتسامح والقريب لقلب كل مسلم، تصبح صلة الرحم ليس مجرد واجب ديني فقط، بل هي مصدر لنور الروح ومصدر لصحة القلب وإسعاد النفس.