تُعدُّ اللغة العربية واحدةً من أغنى وأعتى اللغات تأثيرًا عبر التاريخ العالمي؛ فهي لغة القرآن الكريم التي تُعتبر مرجعية وثابتاً لملايين المسلمين حول العالم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها أيضًا إحدى اللغات الرسمية الست لدى الأمم المتحدة وتتمتع بمكانة مرموقة ضمن البروتوكولات الدولية. تمتد جذور هذه اللغة العريقة لتلامس ثقافات ومجتمعات متنوعة بدءاً من شبه الجزيرة العربية وما بعدها غرب آسيا وجنوب شرق أوروبا حتى شمال شرق أفريقيا وغرب آسيا الصغرى. هذا الانتشار الواسع للغة يعكس ثقلها الثقافي والتاريخي الهائل.
وعلى مر الأزمان، ترك العديد من الشخصيات المؤثرة بصماتها الخاصة بشأن اللغة العربية. فقد وصف الشاعر الإنجليزي جون ميلتون العربية بأنها "ملكة كل اللغات"، بينما قال عنه المستشرق الفرنسي إميل جارودي أنها "أكثر اللغات غنى وبهاء". أما المفكر المصري طه حسين فأطلق عليها لقب "أم اللغة"، مسلطا الضوء بذلك على عمق ومعرفة مستخدمي هذه اللغة الغنية بالألفاظ المعاني والأوصاف. وقال أيضاً إن "العربي ليس عربياً إلا إذا كان يعرف لغته بحرية ومنطق". وكأن حسين يسلط الضوء هنا على أهمية الاحتفاظ بالمعرفة والقواعد المرتبطة باللغة لأجل الحفاظ الحقيقي للهوية العربية.
ومن جانب آخر، أكدت منظمة اليونسكو على دور اللغة كعنصر أساسي للحفاظ على التعبيرات الثقافية الفريدة للأمم المختلفة. وفي سياق عربي خاص، شدد الكثيرون -مثل الروائي نجيب محفوظ والحائز جائزة نوبل الأدبية–على ضرورة صيانة واستخدام اللغة العربية القياسية لمواجهة تحديات الانصهار مع العاميات المحلية وضمان استمرارية التواصل بين مختلف المناطق الناطقة بها عالميًا. كما أنه دعا جميع العرب لاستعادة مجدهم الماضي ومكانتهم العالمية من خلال نهوض بلغتهم الأصلية وتعزيز مكانتها داخل المجتمع الدولي.
وفي النهاية، يمكن القول إن مكانة اللغة العربية ترتكز أساساً على قدراتها الاستيعابية والفكرية بالإضافة إلى ارتباطها الديني العميق بالنسبة لكثيرين ممن ينتمون لها وهي تشكل جزء لا يتجزأ من هويتنا الجماعية وعبر عنها فلاسفة وفنانون وشعراء عديدون بأنها روحٌ تتجدد ويتواصل صداها عبر القرون مهما تعددت أشكال الحياة وظروف البيئة المحيطة بنا.