الوفاء بالوعود يعد أحد الأعمدة الأساسية للحياة الاجتماعية المنظمة والمستقرة في المجتمعات الإسلامية وغيرها أيضا. يُعتبر الوعد تعهداً بالقيام بعمل ما في المستقبل، وهو يعتمد بشكل أساسي على الصدق والثقة. في الإسلام، يؤكد القرآن والسنة النبوية الشريفة على أهمية الوفاء بالوعد باعتباره مظهراً رئيسياً للأخلاق الحميدة والإيمان بالقيم الإنسانية. النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال "العهد من الدين"، مما يشير إلى أن الالتزام بالعهد يعد جزءاً أساسياً من الإيمان الديني.
في الفقه الإسلامي، هناك عدة أحكام تتعلق بالوعد. أولاً، إذا وعد شخص بشيء ثم لم ينفذه، فهو ملزم بتنفيذ وعوده إلا إن كان هناك سبب وجيه لإعفائه منها مثل مرض شديد أو حادثة غير متوقعة تحول دون قدرته على تنفيذ الوعد. هذا يعني أنه حتى لو تغيرت الظروف بعد إعطاء الوعد، فإن الشخص مطالب بأن يبذل قصارى جهده لتحقيق ذلك الوعد طالما هو قادر على فعله ولا يوجد عذر مقبول شرعاً.
ثانياً، يمكن فسخ العقد أو الانسحاب منه قبل التنفيذ سواء للطرفين معا أو لطرف واحد فقط بشرط وجود اتفاق واضح ومقبول لدى الطرف الآخر. أما فيما يتعلق بالأعمال الخيرية التي قد يتم تقديمها بناءً على وعود سابقة ولم يتم تحقيقها بسبب ظروف خارج نطاق سيطرة المتبرع، فقد وضع الفقهاء بعض الاستثناءات التي تسمح بإعفائه من هذه الوعود. ومع ذلك، يستحب دائماً التحقق من القدرة المالية عند تقديم الوعود بشأن الأعمال الخيرة لضمان عدم خرق الأمانة والنزاهة.
وفي النهاية، تعتبر أخلاقيات الوعد والأداء المهني جزء مهم جداً من الثقافة الإسلامية العامة وتؤثر مباشرة على الثقة داخل المجتمعات وبالتالي استقرارها وسعادتها.