تُعتبر قطرات المطر من أكثر الظواهر الطبيعية روعةً وفناً بين العيون؛ فهي تغسل الأرض وتعيد لها الحياة بعد الصقيع والجفاف. وللمطر تأثير خاص على النفوس، فدائماً ما ألهمت جماله شعراء العرب لوصف عذوبته ونفحاته الباردة التي تهدئ القلوب المتعبة والأرواح المضطربة. فيما يلي بعضاً من الأبيات الشعرية والنقول الفلسفية الجميلة حول هذا الرزق الإلهيّ:
قال الشاعر العربي الكبير أحمد شوقي: "إنما الدنيا مطرٌ وسحابٌ/ فإذا انقطع المطر زالت الغيوم". هذه القصيدة تعكس مدى جمال وهشاشة للحظات الفرح والسعادة كأمطار الزمان والتي سرعان ما تنضب لتعود الحياة إلى واقعها اليومي مجدداً. كما قال أبو الطيب المتنبي: "إن لم يكن المطر خيراً فلو كان لكان"، مما يعني بأن كل شيء يأتي من عند الله له هدف سامٍ ورحمة حتى وإن بدى غير واضح لنا في حينه.
وفي حديث نبوي شريف جاء فيه: "إن للمطر ثلاث خصال: إحداهن رحمة لجميع الناس، والثانية فتنة بسبب كثرة المال، والثالثة عقاب لمن عصى الله عز وجل." وهذا الحديث يبين أهمية النظر نظرة شمولية نحو أمور حياتنا وعدم التقليل أبداً من قدرة الرب جل وعلا على تغيير حال العالم سواء بالخير والإعمار أو بالعاقبة والمؤاخذة.
كما ذهب البعض للتعبير بطرق أخرى غير شعرية ولكن بنفس العمق الروحي; فقد أوصانا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلاً: "من رأى ماءً فلا يسخط عليه." وقد يشير ذلك إلى ضرورة التأمل والتسامح أمام مشقات الحياة ومشاكلها المختلفة وليس اليأس والقنوط عندما تتوقف نعم الله عن الوصول بنا مباشرة وبصورة دائمة. بالإضافة لذلك فإن الحكمة الهندية تقول إن "الأمطار هي دروس الطبيعة للاسترخاء والصبر والمثابرة أثناء مواجهة العقبات والصعوبات الكثيرة." وهذا يعكس الاعتراف بالقوة الداخلية للعقل البشري لاستيعاب التجارب والاستعداد لما هو آت مهما اختلف نوعه وشكل تجليه الخارجي.
في النهاية، يبقى المطر رمزا للجمال والحياة والخلق الجديد بكل أشكالها وأبعادها المادية والمعنوية أيضا، وهو دعوة مستمرة للإنسان لتذكر دائمًا موضع نعمته ووعد ربّه بتقديم المزيد منه منذ بداية الخليقة وحتى يوم الدينونة الأخيرة.
