القرآن الكريم، كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو معجزة بلاغية خالدة لا تزال تدهش العقول وتبهر النفوس منذ نزوله وحتى يومنا هذا. إن إعجاز القرآن ليس مقصورًا على اللغة العربية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى البلاغة والفصاحة والبيان، مما يجعله معجزة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها.
يقول ابن تيمية رحمه الله: "إن القرآن له شأن اختص به، لا يشبهه كلام البشر، لا كلام نبي ولا غيره، وإن كان نزل بلغة العرب". وهذا يدل على أن القرآن ليس مجرد كلام بشري، بل هو كلام الله سبحانه وتعالى، الذي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله.
إن إعجاز القرآن ليس مقصورًا على جوانب معينة، بل هو شامل ومتنوع. فمن حيث البلاغة والبيان، فإن القرآن يجمع بين الفصاحة والبلاغة والبيان في أسلوب فريد لا مثيل له. يقول ابن عطية: "الصحيح أن الإتيان بمثل القرآن: لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده، ثم لا يزال ينقحها حولًا كاملًا، ثم تعطى لآخر نظيره، فيأخذها بقريحة جامة، فيبدل فيها وينقح، ثم لا تزال كذلك فيها مواضع للنظر والبدل".
ومن حيث النظام والترتيب، فإن القرآن يمتاز بترتيب موضوعاته بشكل متناسق ومترابط، مما يعطي إحساسًا بالوحدة والانسجام بين أجزائه. يقول الدكتور محمد عبد الله دراز: "إن النظام شيء زائد على المناسبة وترتيب الأجزاء"، ويذكر أن العلماء نظروا في القرآن الكريم من جهة وحدة موضوعاته الكلية، وأنها ترجع إلى ترتيب في أجزائه من الأول إلى الآخر.
ومن حيث التنوع والاختلاف، فإن القرآن يجمع بين موضوعات متعددة في سورة واحدة، مع نظمها في مساق واحد بصياغة فريدة بديعة، متنوعة الأساليب من غير تنافر، ومتعددة الأغراض من غير اضطراب. وهذا أحد أوجه الإعجاز القرآني التي تظهر براعة البلاغة والبيان في القرآن الكريم.
وفي الختام، فإن القرآن الكريم هو معجزة بلاغية خالدة لا تنضب، تجمع بين الفصاحة والبلاغة والبيان والنظام والتنوع في أسلوب فريد لا مثيل له. إنه كلام الله سبحانه وتعالى الذي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله.