الحنين.. شوق يبعث الحياة في ذكريات الزمن الماضي

التعليقات · 1 مشاهدات

الحنين شعور عميق يعيشه الإنسان بين الحين والآخر، وهو ذلك الشوق إلى ما مضى من الأيام الجميلة التي تركت بصمة خالدة في قلوبنا وذاكرتنا. إنه مثل الريح الخ

الحنين شعور عميق يعيشه الإنسان بين الحين والآخر، وهو ذلك الشوق إلى ما مضى من الأيام الجميلة التي تركت بصمة خالدة في قلوبنا وذاكرتنا. إنه مثل الريح الخفيفة التي تهب وتثير غبار الذاكرة النائمة، لتقدم لنا لمحات من الماضي، ليقترب منها القلوب المتعطشة للشعور بالأمان والاستقرار. إنها تلك اللحظات التي كانت مليئة بالبساطة والصفاء، والتي نرغب جميعاً في إعادة عيشها مرة أخرى.

يظهر الحنين عندما نتذكر أيام الطفولة، حيث كل شيء كان بسيطاً ومفعماً بالسعادة البريئة. نشعر برغبة شديدة للعودة إلى منزل طفولتنا، ليستمتعوا بملاعب النشأة وأصدقاء المدرسة الذين شاركونا الفرحة والألم. إن مجرد التفكير في وجوه الأحباب الذين رحلوا يدفعنا لتصوير مشاهد مؤلمة، ولكنها أيضاً حلوة كالعسل؛ إذ تحمل طابع الفقدان لكنها تعيد إلينا روح الحب والعطف.

كما يمكن للحنين أن يشغل تفكيرنا حين ننظر نحو مستقبل مجهول، مما يجعلنا نحنُّ إلى الوراء طلباً للألفة والراحة النفسية. قد يبدو هذا الأمر مربكاً بعض الشيء، لكنه واقع طبيعي يحرك دواخل النفوس البشرية. فالحاجة الإنسانية للتواصل العاطفي والحنان والدعم الاجتماعي هي حاجات أساسية تدفع الكثير ممن هم خارج دائرة العلاقات الاجتماعية الأقارب/الأهل/الأصدقاء الحميميين لتحقيق توازن حياتي عبر الرجوع بخيالهم واستذكار لحظات سعيدة مع أحباء قرروا الرحيل عن دنيا الحياة. وهذا ليس ضعفا بل قدرة خاصة بالإنسان تتمثل فيما يسمى "القوة الذهنية"، وهي القدرة على استحضار التجارب الماضية بشكل سريع وبأقل جهد ذهني ممكن لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الجديدة والتحديات المستجدة أمام المرء اليوم.

ومع مرور الوقت وتغير الظروف، تبقى ذكرى الأشخاص والمكان والأحداث محفورةً في مخيلتنا كالنقوش الدائمة على الصخور. فتلك الصور تجسد روابط وثيقة تجمع بين الناس عبر مسافة زمنية طويلة. لذلك فإن قيمة الحنين تكمن ليس فقط في الشعور بالحسرة لفراق المحبوب وإنما كذلك تقدير الجمال المؤقت لكل مرحلة عمرية تمر بنا بغض النظر عن مدتها قصيرة أم مطولة نسبياً مقارنة بحياة الأفراد مجتمعة خلال وجود واحد هنا وهناك منذ القدم ولغاية نهاية العالم كما هو متوقع وفق مختلف المواثيق التاريخية والإسلامية المنزلة على الرسل السابقين عليهم السلام كافة وعلى رأسهم سيد ولد آدم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وخاتم رسالة سماوية خير البرية للمؤمنين بها ومن اتبع هديه الحق حتى يوم الدين بإذن رب العالمين جل وعلا. وفي النهاية يبقى الحنين وسيلة فعَّالة لبناء جسور التواصل الروحي والفكري بين أجيال مختلفة وإذكاء جذوتها داخل نفوس شباب المسلمين عامة حاليا بما يناسب عصرهم وما يستجد لهم فيه مستقبلاً بتوفيق من الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى وحده.

التعليقات