- صاحب المنشور: صالح القاسمي
ملخص النقاش:
أحدثت التطورات التكنولوجية ثورة غير مسبوقة في حياتنا اليومية، مما أدى إلى تغيير جذري في طريقة تفاعل الأفراد داخل العائلة. هذه الثورة التي تجسدها الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والحواسيب وغيرها من الأدوات الرقمية قد أثرت بشكل عميق على الروابط الأسرية بطرق متعددة. في حين أنها توفر وسائل جديدة للتواصل والتعلم والمشاركة بين أفراد الأسرة، إلا أنها قد تسبب أيضاً مشكلات مثل الانعزال الاجتماعي والإدمان والتشتت العقلي.
في الجانب الإيجابي، تعتبر التقنية مصدرًا هامًا لتعزيز التواصل. يمكن للأطفال البعيدين عن المنزل الاستمتاع بالتواصل المرئي مع ذويهم عبر تقنيات الفيديو كونفرنس، وهو الأمر الذي كان مستحيلاً قبل ظهور الإنترنت عالي السرعة. بالإضافة إلى ذلك، توفر العديد من التطبيقات التعليمية فرصاً فريدة لتقديم الدروس والدعم الأكاديمي لأعضاء العائلة الذين يعيشون بعيداً أو حتى داخل نفس البيت. هذا يساعد في خلق شعور بالوحدة التعليمية بغض النظر عن المسافة الجغرافية الفاصلة.
لكن هناك وجهٌ آخر لهذه القصة. أحد أكبر المخاطر المرتبطة باستعمال التكنولوجيا بكثرة هو فقدان الوقت والجودة في الحياة الواقعية. يميل الناس الآن لقضاء المزيد من الوقت أمام الشاشات، سواء كانوا يعملون أو يستريحون. وهذا يؤدي غالبًا إلى انخفاض جودة الاتصال الشخصي الحقيقي. وفقًا لدراسة أجرتها المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم الاجتماعية عام 2021، وجدت أنه كلما زاد استخدام الأطفال للهواتف المحمولة، قلّت قدرتهم على فهم المشاعر الإنسانية وأصبحت لديهم مهارات أقل في التعامل مع الصراعات الشخصية.
كما تعزز بعض أنواع المحتوى المتاح عبر الإنترنت، والتي قد تكون ذات طابع سلبي، مخاطر أخرى. يمكن للاختلاف الثقافي والمعرفي أن يجذب الشباب نحو محتوى ضار يدمر قيمهم وقيم مجتمعاتهم. علاوة على ذلك، فإن إدمان الألعاب الإلكترونية يمكن أن يشغل وقت عائلتك ويمنعكم من القيام بأنشطة مشتركة مفيدة كالرياضة والقراءة والنزهة خارج الطبيعة - وهي أشياء تساهم بشكل كبير بتنمية الصحة النفسية والعقلية للعائلة بأكملها.
وفي النهاية، يتطلب تحقيق توازن صحي بين فوائد واحتمالات التعرض للمخاطر الناجمة عن التكنولوجيا استراتيجيات مدروسة جيدًا وتوجيه مناسب للحفاظ على تماسك وثبات الديناميكيات الداخلية لعائلاتنا. إن تحديد حدود لاستخدام الجهاز الرقمي الواحد لكل فرد خلال فترة محددة يوميًا يعد خطوة فعالة لإعادة التركيز على التجارب الإنسانية الغنية التي تقدمها الحياة الواقعية مباشرة. كما ينصح باستخدام خيارات الترفيه المناسبة مثل الكتب المصورة والأنشطة الرياضية والفنية كبديل جاذب وآمن أكثر مقارنة بالألعاب العنيفة الموجود حالياً على شبكة الشبكات العالمية الواسعة "الإنترنت". ومن الجدير بالملاحظة أيضًا دور الآباء كموجهين مهمين لرعاية بيئة صحية ومتوازنة داخل نطاق منزلهم الخاص بهم حيث يمكن لهم تشجيع تصفح المعلومات المفيدة وتعليم كيفية إدارة ساعات الشاشة الخاصة بهم وبالتالي ترسيخ ثقافة احترام العمل الجماعي ضمن دائرة الأقرباء المقربون منهم منذ الطفولة المبكرة وحتى مرحلة الرجولة والشباب التالية لذلك العمر الزمني المؤقت نسبيًا والذي نتمنى له دوام البركة والخير بإذن الله عز وجل سبحانه وتعالى صاحب الفضل والكرم المطلقين بلا نهاية ولا نهاية لها أبدا وأفضل منها أيضا بحمد رب العالمين جل وعلى!