الشكر هو إحدى الفضائل التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف لما لها من تأثير عميق على حياة المسلم ودنياه وآخرتَه. إنّ المحافظة على شعيرة الشُكر هي سلاح فعال ضد كفران النِعَم وتحصين روحي قوي يحمي القلب من اليأس ويغذيه بالأمل والتفاؤل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ يَرْضى لِعَبْدِهِ إذا رَضِيَ له عَنْ نَعْمَتِهِ". هذا الحديث يشير إلى أهمية رد الجميل لله سبحانه وتعالى عبر الاعتراف بنعمته الواسعة والشكر الجزيل لها.
في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد على فضيلة الشكر وثمارها العظيمة في الحياة الدينية والدنيوية للإنسان المؤمن. ومن الأمثلة البارزة قوله تعالى في سورة إبراهيم: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم" [إبراهيم:7]. هذه الآية تحمل وعداً بتوفيق الخالق لعباده الذين يستحقون المزيد عند إدراكهم لنعم الله عليهم وشكرهم لها. كما جاء في السنة بأن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "الْحَمْدُ للهِ الذي أكرمنا بالشكر وأراحنا من الكفر". فعلى الرغم من كون البشر مؤتسيين بإفضالات الرب عليهم، إلا أنه يلزم منهم رد جزيل الثناء والشكر حتى تنمو تلك النعم ويكافئهم رب العالمين بمزيدٍ منها.
الإخلاص والصدق هما أساس قبول الأعمال الصالحة بما فيها الشكر. فالالتزام بهذا الشعور الداخلي الطاهر نحو الله عز وجل يقود الشخص إلى طريق القناعة والإشباع الروحي مما يساعد بدوره على تحسين العلاقات الاجتماعية وبسط جو من التفاهم والمودة بين أفراد المجتمع، وهو ما يؤدي إلى ازدهاره واستقراره بشكل عام. لذلك ينصح علماء الدين المسلمين باتخاذ موقف إيجابي تجاه جميع الظروف والحفاظ دوماً على مشاعر الامتنان والتقدير للنعم مهما كانت صغيرة لأن ذلك يعكس إيمان المرء الحق وروحانيته المتنامية يوماً بعد يوم.
ختاماً، فإن تمسك الإنسان بشعائر الشُّكر وإظهار امتنانه للنعمة بكل صورها المختلفة سواء مادياً أم معنوياً، يعد دليلاً قاطعاً على قوة ايمانه وحسن ظنه بخالق الكون رحيمًا عليمًا. فكل خطوة تقدم بها قد تكون سبب للتوسيع أكثر للمساحة أمام خيرات الدنيا وزينة الآخر ونفحاتها الزكية فوق سماوات الجنة، وذلك حقٌ لمن اتبع هدى رسوله محمد عليه أفضل التحايا والصلاة.