• صاحب المنشور: الزيات السمان
  
  ملخص النقاش:
  ### أزمة الغذاء العالمية: تحديات وأفق الحلول المستدامة

في السنوات الأخيرة، اتخذت أزمات الغذاء عالميًا منحى خطيرا بسبب مجموعة متنوعة من العوامل. هذه الأزمة ليس مجرد نقص في الإمدادات الغذائية؛ بل هي مشكلة تتصل بالقدرة على الوصول إلى الطعام، النوعية، والأسعار التي يمكن تحملها. هذا الوضع يهدد كل من الدول الفقيرة والمكتظة بالسكان وكذلك البلدان المتوسطة الدخل. هناك عدة عوامل تساهم في تفاقم هذه الأزمة بما في ذلك التغير المناخي، الصراعات والحروب، السياسات التجارية الحمائية، والأوبئة مثل جائحة كوفيد-19.

التغير المناخي يلعب دوراً رئيسياً حيث يؤدي إلى تقلب الطقس والعواصف الجافة التي تؤثر سلباً على المحاصيل الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى انخفاض إنتاجية بعض المحاصيل ويضر بالنظم البيئية البحرية التي توفر الأسماك كمصدر للغذاء للعديد من الناس حول العالم. كما يمكن للأحداث الطبيعية والكوارث أن تجرف البنية التحتية للمزارعين وتؤدي لانقطاع الخدمات الأساسية كالماء والإمداد الكهربائي.

الحروب والصراعات الداخلية تزيد أيضاً من حدّة المشكلة بتدميرها للبنية التحتية ومضايقتها للسلاسل اللوجستية لإيصال المواد الغذائية. وهذا ينطبق خاصة في المناطق ذات الظروف الأمنية غير مستقرة والتي تعتبر بالفعل معرضة للخطر لأسباب أخرى. السياسة التجارية أيضا لها دور مهم هنا؛ فالقوانين الحمائية قد تعوق التجارة الدولية وتقلل من توافر المنتجات الاستراتيجية عالميا. أخيرا وليس آخرا، أثرت جائحة كوفيد-19 بصورة كبيرة على سلاسل الإنتاج والتوزيع الغذائيين مما أدّى لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي لدى الكثيرين.

لكن رغم هذه التحديات الكبيرة، فإن هناك طرقا متاحة لحل هذه المعضلة بطريقة فعالة ومستدامة. أحد الحلول المقترحة هو زيادة الاستثمار في البحث العلمي لتطوير أنواع محاصيل أكثر مقاومة للتغيرات المناخية وللحفاظ على موارد المياه بشكل أفضل. كذلك يجب العمل على تحسين التربة واستخدام التقنيات الحديثة مثل الري الذكي الذي يساعد في تحقيق استغلال أفضل للموارد المائية المتوفرة.

إضافة لذلك، يُعتبر التعليم ضروريا لنشر الوعي بين المجتمعات بشأن أهمية النظام الغذائي المتنوع وكيفية إدارة المخزون الغذائي بشكل فعال أثناء فترات العجز أو عدم القدرة على الشراء المعتادة. فيما يتعلق بالحرب والصراع الداخلي، فإن السلام والاستقرار السياسي هما أساس لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وبناء اقتصاد قوي قادر على التعافي بعد أي كارثة طبيعية أو بشرية تحدث.

وفي النهاية، يبقى الأمر بالنسبة للدول القادرة ماليا أنه يجب عليها تقديم المساعدات المالية والفنية للدول الأكثر هشاشة لمساعدتها في مواجهة أزمتها الغذائية وتحسين قدرتها الذاتية على تأمين احتياجات شعبها الغذائية. إن التعاون الدولي والعمل الجماعي هما المفتاح لمواجهة هذه الأزمة العالمية الخطيرة وضمان حق الجميع بالتغذية الصحية الآمنة.