- صاحب المنشور: عبد القدوس بن عاشور
ملخص النقاش:في ظلّ التطور السريع الذي تشهده البلدان العربية نحو تحقيق الازدهار الاقتصادي، يبرز تحدٍ كبير يتعلق بإيجاد توازن ناجع بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. هذا التنازع ليس جديداً ولكنه أصبح أكثر حدة مع الزمن بسبب الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها الأرض والموارد الطبيعية. إن الاستراتيجيات القائمة حالياً غالباً ما تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية على حساب البيئة مما يؤدي إلى عواقب بيئية خطيرة مثل الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء والماء، وفقدان التنوع البيولوجي.
ولكن هناك نهج آخر يمكن اتباعه وهو اقتصاد الأخضر أو "الاقتصاد الأزرق". هذا النهج يشجع على استخدام حلول صديقة للطبيعة لتحقيق الربح الاقتصادي، وبالتالي يسعى لتكافؤ مصالح كل من القطاعين المالي والبيئي. ويمكن لذلك أن يتمثل في التحول نحو الطاقة المتجددة والاستثمار في مشاريع كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى زيادة التشريعات البيئية الصارمة لحماية الغابات والمحيطات وغيرها من الموائل الحيوية.
دور الحكومات وشركاء الشأن العام
تقع على عاتق الحكومات دور مهم لخلق السياسات الداعمة لهذا النوع من التنمية المستدامة. وهذا يعني تقديم حوافز للشركات التي تتبنى ممارسات مستدامة وتضمن تطبيق قوانين بيئية قوية ضد تلك التي لا تفعل ذلك. كما يجب العمل على بناء شراكات وثيقة مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات المجتمعية المحلية لإشراك الجمهور في عملية صنع القرار وأخذ رأيه بعين الاعتبار.
العائد المحتمل للتوجه نحو التنمية المستدامة
بالرغم من كون الانتقال نحو نموذج تنموي أكثر استدامة قد يبدو مكلفًا في البداية، إلا أنه يمكن أن يجني فوائد متعددة طويلة المدى. فبالإضافة إلى تقليل الآثار السلبية على البيئة، فإن هذا النهج يعزز الأمن الغذائي ويحسن الصحة العامة ويخلق فرص عمل جديدة في مجال الخدمات الخضراء.
وفي النهاية، فإن ضرورة البحث عن توازن دقيق بين الاحتياجات البشرية والاحتياجات البيئية ليست مجرد قضية أخلاقية؛ بل هي شرط أساسي لبقاء أي مجتمع واستقراره على المدى الطويل.