- صاحب المنشور: التادلي البصري
ملخص النقاش:
تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تؤثر بشكل كبير على كيفية تكوين وتشكيل الرأي العام. تُمكّن هذه المنصات ملايين الأشخاص حول العالم من التفاعل ومشاركة وجهات نظرهم وآرائهم مع جمهور واسع على الفور تقريباً. هذا المقال سوف يستكشف العلاقة المعقدة بين وسائل التواصل الاجتماعي والرأي العام، محاولاً فهم كيف تغيرت طريقة تشكل الآراء عبر الزمن وكيف تؤثر هذه الوسائل الحديثة عليها الآن.
1. تأثير سرعة الانتشار والدوائر الاجتماعية المترابطة
في السنوات الأخيرة، برزت أهمية السرعة التي يمكن بها نشر القصص والأفكار وانتقالها من شخص لآخر كسبب رئيسي لتغيير ديناميكيات تشكيل الرأي العام. تتميز شبكات التواصل الاجتماعي بأنها غير خطية ومتداخلة، مما يعني أنها تخلق دوائر اجتماعية متشابكة داخل وخارج نطاق الشبكات التقليدية مثل الأسرة والمجتمع والقوى السياسية المحلية. يؤدي ذلك إلى انتشار الأخبار والآراء بسرعة أكبر بكثير مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية، وبالتالي يسهل التأثير على آراء الجمهور العامة بشأن قضايا مختلفة.
2. التحكم بالنفس مقابل الانفعال الجماعي: الجانب المضاد للتواصل الحر
على الرغم من فوائد حرية التعبير والحوار المفتوح الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه يوجد جانب سلبي يتمثل بالإثارة الجماعية وانعدام القدرة على ضبط النفس عند التعامل مع المواضيع المثيرة للجدل أو الحساسة عاطفياً. غالبًا ما تتغذى "الهستريات" عبر الإنترنت - وهي ظاهرة يتم فيها تكبير موضوع صغير ليصبح قضية عامة كبيرة بسبب ردود فعل حماسية وغير مدروسة - مما يؤدي إلى تضخيم المشاعر الأولية لدى أفراد المجتمع الافتراضي وصنع رأي عام مبني أكثر على العواطف منه على الحقائق الموضوعية.
3. دور الروبوتات والخوارزميات في تشويه المعلومات
أحدث ظهور الروبوتات المؤتمتة ("الترولي") وأنظمة الخوارزميات المعقدة لتوجيه المحتوى مستوى جديد تماماً من تحديات الصدقية والنقد الذاتي للمعلومات المنتشرة عبر الانترنت. يعمل بعض هؤلاء العملاء الاصطناعيين تحت إدارة جهات سياسية أو تجارية بهدف توجيه المناقشة نحو وجهة نظر محددة بغرض تحقيق مكاسب قصيرة المدى سواء كانت تلك المكاسب مادية أم سياسية أم حتى أخلاقية أحيانًا! ومن هنا يأتي خطر التشويش العقلي وقصور النظرة الواسعة لمقياس الأمور بالنسبة للأغلبية غير المطّلعين الذين قد ينجرون خلف موجة تصرفاتها مبرمج حسابيا وليس بحكمة بشرية أصيلة راسخة .
4. المسؤولية الشخصية واستقلال الفكر أمام بحر الغمر المرئي
إن فهم واقع الأمر الحالي وما يستلزمه مستقبل الاعتماد الرقمي القادم يتطلب إدراك عميق لقيمة التربية الذاتية والتعليم المستمر واحتكاك الأفراد بعناصر ثقافية وفكرية متنوعة تعزيزا لاستقلال القرار الشخصي ضد الضغط الجمعي المفروض بإختلاف أشكالِهِ المقترنة بمحتوى رقمِي مُباشَـر صادم بصريّا وعاطفيا؛ وهذا طبعًا باتجاه تفكيرانية وروحية آدميتان تستحقان الإنصاف والإعتراف بأبعاديتها الإنسانية الكبرى إذْ هكذا وحدها تكون حياة الإنسان ذات معنوية خالصة تسعى لصالح صلاح البشرية جمعاء حسب الشريعة الربانية الخالدة المعلومة لكل خلقه جل في علاه سبحانه وتعالى.