- صاحب المنشور: عتمان المرابط
ملخص النقاش:في ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، برز التعليم العالي كمحرك رئيسي للتنمية الاقتصادية. تلعب الجامعات دوراً حيوياً في تشكيل مستقبل اقتصاديات الدول عبر تبني الابتكارات وتطوير الكفاءات البشرية اللازمة لقيادة القطاع الرقمي. يمكن النظر إلى هذا الدور المركزي من عدة زوايا مختلفة:
البحث العلمي والتطبيق العملي
- البحث الأساسي: تمثل البيئة الأكاديمية بيئة خصبة للأبحاث العلمية، والتي غالبا ما تكون نواة للتطورات التقنية المستقبلية. وعلى سبيل المثال، فإن اختراع الإنترنت نفسه نبع أساسا من بحث أكاديمي أجراه الفيزيائي الأمريكي تيم بيرنرز لي عام ١٩٨٩ أثناء عمله بمركز الأوروبي البحوث النووية CERN .
- الشراكات الصناعية: الشراكات بين القطاعين العام والخاص تسمح بتطبيق الأفكار والأبحاث الجديدة على أرض الواقع بسرعة أكبر. توفر هذه العلاقات فرصة فريدة لإعداد الطلاب والخريجين لمجالات عمل تتسم بالتطور السريع كما يتضح جليا ضمن المجالات الرقمية.
تطوير المهارات والكفاءات الفردية والجماعية
- برامج الدرجات العلمية المبتكرة: تقدم العديد من الجامعات حاليًا برامج دراسية متخصصة تستهدف تلبية احتياجات سوق العمل الحديث مثل علوم البيانات، الأمن السيبراني, الذكاء الاصطناعي وغيرهم مما يحقق هدفان أساسيان وهما تأهيل خريجيها لسوق العمل بالإضافة لنشر ثقافة الابداع والإبداع داخل المؤسسات التعليمية نفسها.
- تعلم مدى الحياة: إن القدرة على التعامل مع تغيرات واحتياجات السوق المتغيرة تعتبر أيضا جزءاً مهماً لأدوار الجامعات الحديثة حيث يتم طرح ورش عمل وبرامج قصيرة المدى تساعد الراغبين في تحديث معلوماتهم سريعًا لتتماشى مع توجهات ثورة المعلومات والمعرفة الحالية.
المجتمع المحلي والوطني
- الإسهام في المجتمع: تساهم مؤسسات التعليم العالي أيضًا بطرق غير مباشرة لكن هامة جدا بالاقتصاد وذلك بإثراء مجتمعاتها محليا ووطنيا من خلال نشر المعرفة وتعزيز الأخلاق والقيم الإيجابية للمحيط الاجتماعي الذي تعمل فيه تلك الجهات الأعرّاف والمؤثرّة.
- المشاركة السياسية: قد يلعب أعضاء هيئة التدريس وأصحاب القرار تأثير كبير عند وجود تشريعات جديدة تتعلق بحماية الملكية الفكرية أو قوانين الاستثمار الأجنبي مثلاً والتي تؤثر بصورة مباشرة علي زخم ورواج المشاريع القائمة علي الحكمة والمعرفة سواء كانت منتجة أم خدميه وهذا يعتبر دعامة أخرى لتحقيق الانتشار العالمي للاقتصاد الجديد المبني علي الذكاء الإنساني المصقول بالمبادرات العملية الواعدة طبقا لما يسمونه "الاقتصاد المعرفي".
ختاماً، يعد التعليم العالي أحد أهم الأدوات التي تمتلكها الحكومات لدعم وتوجيه مسارات نموها نحو اقتصاد قائم علآلة الإنتاج واستخدام الطاقة المعرفية والبشرية بكفاءة عالية وهو ما يعني أيضاً استمرار قدرتها التنافسية عالميا طوال مدة طويلة نسبياً مقارنة بأشكال الاسهام المادي الأخرى الأكثر عرضة للتراجع نتيجة عوامل تقنية ومادية مؤقتة الزمن ولذلك فعلى كل البلدان وفي مقدمتها دول الخليج العربية الحرص الشديد للحفاظ والاستثمار الأمثل لبذور البناء الأول لهيكل أي دولة رائدة وهي جامعة وطنيتها وقادرة علي درء المخاطر المحتملة عن طريق التخطيط السليم وإدارة موارد البلاد وفق رؤى وابداعات فردانية وجماعية تحت مظلتها الوطنية الواحدة الأهداف والسعي إليها جميعا تحت سقف واحد وهو الوطن الغالي علينا جميعا!