العلاقات الدولية بين إيران وأمريكا: تحديات الوصل والانفصال

التعليقات · 2 مشاهدات

في عالم السياسة الدولي المترابط والمليء بالتوترات الجيوسياسية، تظل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران موضوعاً بالغ الأهمية. هذه العلاقة ال

  • صاحب المنشور: معالي بن يوسف

    ملخص النقاش:
    في عالم السياسة الدولي المترابط والمليء بالتوترات الجيوسياسية، تظل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران موضوعاً بالغ الأهمية. هذه العلاقة المعقدة التي امتدت لعقود طويلة، تميزت بتقلبات متكررة بين الفتور والحوار، مروراً بأوقات التوتر والصراع، وذلك بسبب مجموعة متنوعة من القضايا السياسية والثقافية والاستراتيجية. منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وما صاحبها من تصاعد النفوذ الإسلامي الراديكالي، وحتماً فترة المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني تحت إدارة باراك أوباما ومن بعدها إدارة ترامب، ظلت مسار العلاقات الأميركية الإيرانية عرضة للتغيير الدائم.

التاريخ المشترك والتوترات المستمرة

على الرغم من تاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية قبل الثورة الإسلامية، فقد اتخذت العلاقة منعطفًا حادًا بعد سقوط الشاه محمد رضا بهلوي وتنصيب الجمهورية الإسلامية في ظل حكم آية الله الخميني. أحد أهم المحطات كانت احتجاز الرهائن الأمريكيين الذين كانوا يعملون في السفارة الأمريكية بطهران لمدة 444 يوماً، مما أدى إلى قطع كامل للعلاقات الرسمية. وقد استمر هذا الوضع حتى التسعينات عندما بدأ التواصل غير الرسمي عبر دول ثالثة مثل الجزائر وكوريا الشمالية لمناقشة قضايا مختلفة منها الأمن الإقليمي وقضية المعتقلين الأمريكيين لدى النظام الإيراني.

الصراع على السلطة والإيديولوجيا

إحدى أكبر العقبات أمام تقارب محتمل هي الخلاف الكبير حول دور كل دولة في منطقة الشرق الأوسط وسياساتها الخارجية تجاه بعض الدول الأخرى داخل المنطقة وخارجها. ترى الولايات المتحدة أن إيران مصدر رئيسي للعنف وعدم الاستقرار نتيجة دعمها لحركات معادية للغرب في سوريا والعراق ولبنان وغيرها بالإضافة لبرنامجها النووي الذي يعتبرونه تهديداً مباشرًا لأمن إسرائيل وبقية الحلفاء الغربيين. بينما تعتبر إيران نفسها المدافع الرئيسي للمسلمين ضد التدخل الأجنبي والقوى العالمية الكبرى والتي تشكل خطر وجودي مستمر عليها وعلى مجمل العالم العربي والإسلامي حسب وجه نظرها.

الاتفاق النووي: خطوة نحو التقارب أم بداية جديدة للحصار؟

عام ٢٠١٥ شهد اتفاقا نوويا مهما بين إيران وست قوى عظمى تضمنت رفع جزء كبير من العقوبات مقابل الحد من برنامج الطائرات بدون طيار والأبحاث الخاصة بالأسلحة النووية بموجب قرار مجلس الأمن رقم ۲۲۳۱. لكن انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من تلك الاتفاقية واستئناف فرض عقوبات اقتصادية شديدة أثارت مخاوف من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة مرة أخرى. حيث أعادت الإدارة الجديدة برئاسة بايدن النظر في إعادة الانضمام لهذا الاتفاق كجزء من نهج مختلف يتبع طريق الحلول الدبلوماسية. إلا أنه هناك الكثير من العراقيل القانونية والعسكرية والدبلوماسية التي قد تعيق نجاح جهود التطبيع المحتملة.

الترقب للأشهر المقبلة

إن قبول تبادل وفد دبلوماسي جديد للإجراءات الدستورية اللازمة قبل عقد اجتماعات رسمية ربما يشير إلى رغبة مشتركة لإعادة فتح باب الحوار وإن كان ذلك مرحليا فقط. فبينما تعمل الحكومتان خلف الكواليس لإيجاد حل وسط مقبول قانونياً واقناعاً داخلياً، يبقى المستقبل غامضا بشأن مدى فعالية أي صفقة محتملة أو قدرتها على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكلا الشعبين اللذين يعانيا بالفعل من تداعيات الحرب الاقتصادية المستمرة منذ عقود. إن فرص تحقيق سلام دائم تبدو بعيدة المنال حاليا ولكن الباب مفتوح أمام احتمالات أفضل لو كانت هناك إرادة سياسية صادقة ومتكاملة وجادة لتجاوز الفرضيات القديمة السلبية وتحقيق المصالح المتبادلة حقا وهو أمر ليس سهلاً ولكنه ممكن بإذن الله عز وجل.

التعليقات