- صاحب المنشور: حصة الدرقاوي
ملخص النقاش:
في عالم يتسارع فيه تقدم التكنولوجيا بمعدل غير مسبوق، أصبحت التأثيرات المحتملة للتكنولوجيا على سوق العمل موضوعًا للنقاش الشديد. هذه القضية ليست مجرد نقاش نظري؛ فهي تحمل عواقب عملية مباشرة على الأفراد والمجتمعات والاقتصاد ككل. تحاول الدراسات الحديثة فهم كيف ستؤثر الروبوتات الذكية وأتمتة العمليات الآلية وغيرها من التقنيات المتطورة على الأنشطة البشرية المرتبطة بالعمل.
**التأثيرات الحالية**
يُظهر الواقع الحالي مجموعة متنوعة من الأمثلة التي توضح مدى عمق تأثير التكنولوجيا على الوظائف. بالنسبة إلى العديد من الصناعات، أدت الأتمتة إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتحسين الجودة. على سبيل المثال، في التصنيع، استبدلت الروبوتات الكثير من الأعمال اليدوية والأعمال الخطرة مما خفض تكاليف التشغيل وعزز السلامة. ولكن هذا التحول لم يكن بلا تبعاته الإنسانية. فقد فقد بعض العمال وظائفهم بسبب القدرة الجديدة لهذه الأدوات الآلية.
**خلق فرص جديدة مقابل فقدان القديمة**
على الرغم من الخوف الذي يحيط بفكرة "استبدال الإنسان بالآلات"، إلا أنه هناك وجه آخر لهذا الموضوع. قد تؤدي الابتكارات التكنولوجية أيضًا لإنشاء مجالات عمل جديدة تمامًا لم تكن موجودة سابقاً. حيث تحتاج شركات مثل Google و Apple باستمرار إلى متخصصين ذوي مهارات عالية في مجالات البرمجيات والذكاء الاصطناعي وغيرها من تقنيات المستقبل الناشئة. بالتالي، يمكن اعتبار التكنولوجيا مصدر ثروة محتمل للعاملين المؤهلين الذين يستطيعون الاستفادة منها بشكل فعال.
**إعادة التدريب والتكيف مع السوق الجديد**
لمواجهة التأثير المحتمل لتقنية المعلومات على الوظائف، أصبح بإمكان الحكومات والشركات دعم إعادة تدريب العمال المهجرين من أعمالهم التقليدية لتلبية متطلبات مجتمع المعرفة الحديث. وقد بدأ البعض بالفعل في القيام بذلك عبر برامج التعليم الإلكتروني وبرامج تطوير المهارات الأخرى. بالإضافة لذلك، تشجع المنظمات الدولية الدول النامية على التركيز أكثر على التعليم الفني والتدريب المهني لتحقيق نفس الغاية. إن قدرتك على التعلم والتطور مع الزمن عامل حاسم للحفاظ على قدرتك تنافسياً في سوق العمل المتغير دائماً.
**دور السياسة العامة ومبادرات الرعاية الاجتماعية**
كما يلعب السياسيون دور هام فيما يحدث للسوق العام بشأن تغييرات العمل نتيجة للتطور التكنولوجي العالمي. تعد سياسات الأمان ضد البطالة وجداول رعاية الأطفال والدعم الاجتماعي الآخر خدمات مهمة ضرورية لحماية المواطنين خلال الفترة الانتقالية نحو الاقتصاد الرقمي الأكثر اعتمادا على التكنولوجيا والذي قد يصاحبه تقلص واضح في الطلب البشري لأداء أعمال محددة. ومن هنا تأتي أهمية قيام الدول بتقديم حلول مبتكرة ومتجددة للموظفين المكافحين لإيجاد مكانتهم داخل القطاعات ذات الثورة الواضحة المدفوعة بالتغيرات التقنية.
وفي النهاية، فإن رحلتنا نحو اقتصاد جديد قائم أساسا على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لن تكون سهلة بكل قطع النظر عنها؛ لكنها فرصة سانحة لنا جميعاً للإستعداد لدخول عصر معرفي مليء بالإمكانيات الرائعة والتي تستوجب أيضاً جهودا جبارة لبناء المجتمع المثالي قادرٌ حقاً للاستمتاع بالعائد الكبير المرتبط بهذه الموجة الثانية من الثورات الصناعية العالمية الجديدة!