تأثير التكنولوجيا على القيم الاجتماعية والثقافية: مراجعة نقدية

التعليقات · 0 مشاهدات

في ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها اليوم، تطرح العديد من الأسئلة حول تأثير هذه التقنيات الحديثة على قيمنا الاجتماعية والثقافية. بينما يمكن للتكنولوج

  • صاحب المنشور: بهاء الجوهري

    ملخص النقاش:
    في ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها اليوم، تطرح العديد من الأسئلة حول تأثير هذه التقنيات الحديثة على قيمنا الاجتماعية والثقافية. بينما يمكن للتكنولوجيا توفير فرص رائعة للتعلم والاتصال والتواصل العالمي، إلا أنها قد تساهم أيضًا في تغيير جذري في الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض وتعزيز أشكال جديدة من السلوك الاجتماعي والقيمي. هذا المقال سيقدم تحليلاً نقدياً لهذه التأثيرات المعقدة وكيف يمكن لها أن تشكل مستقبل مجتمعاتنا.

الاتصالات والتواصل الرقمي

أولاً، أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة التواصل بين الأفراد بطرق لم تكن ممكنة سابقًا. أصبح بوسع الأشخاص الذين كانوا يعيشون بعيدًا عن بعضهم البعض البقاء على اتصال وتبادل المعلومات والأفكار بتكلفة زهيدة وبصورة فورية تقريبًا. ولكن، كما هو الحال غالبًا مع معظم الأمور الجيدة، هناك جانب سلبي محتمل يرتبط بهذه الفرصة الجديدة. فقد أثبتت الدراسات الأخيرة أن الاستخدام الزائد للمواقع الإلكترونية والمواقع الاجتماعية قد يتسبب في انخفاض درجات الرضا العام لدى المستخدمين. بالإضافة لذلك، فإن الفكرة الشائعة بأن الإنترنت يساعد الناس على الشعور بمزيد من الوحدة والعزلة الاجتماعية بسبب العلاقة غير المباشرة المتزايدة والتي تعتمد أكثر على الكلمات المكتوبة عوضا عن المحادثات الشخصية الواضحة والحقيقية تؤكد هذه المخاطر المحتملة.[1]

الهوية والجندر عبر الإنترنت

ثانيًا، شهد الجنسان - الذكر والأنثى - تغيرات كبيرة فيما يتعلق بالهويات الثقافية والدينية وكذلك الاعتراف المجتمعي للجندر بسبب الوصول المفتوح لبعض المواقع الرياضية وغير الرسمية والذي يشجع عادة موقف محايد جنسيا مما يدفع للشعور برفضٍ متزايد تجاه الأدوار التقليدية الرجولية/الإناث داخل البيوت وعلى المستوى العملي أيضا . وهذا التحول الكبير خاصة عند الشباب يؤثر بالتالي علي تصوراتهم للحياة الزوجية وعلاقاتهم الأسرية مستقبلا وقد يقود لبنية اجتماعية مختلفة تمام الاختلاف عمّا اعتدناه سابقا[2].

الأخلاق والشبكات العالمية

وأخيراً وليس آخراً، أحد أكبر التهديدات لقيمنا الدينية والإسلامية تأتي من خلال "العولمة" حيث يتم تعميم ثقافة عالمية واحدة تحت مظلة اقتصاد السوق الحر الذي تقدمه الشبكة العنكبوتية للعالم كله بصرف النظر عن العادات أو التقاليد المختلفة لكل بلد ومجموعة سكانية [3]. وهذه الآثار الجانبية الهائمة الغير مقصودة لأطماع الاقتصاد الحديث باتجاه تفريق المسلمين وحصر دينهم ضمن حدود ضيقة وخالية من أي ارتباط شعوري بتاريخ الآخر المختلف وأصول أصنام الماضي يمكن رؤيتها جلية لمن لاحظ حالة الصمت الإعلامي المؤسف حيال انتقاد الإسلام الملحوظ مؤخراً بكثرة حتى وإن كان مدسوسا خلف واجهات أخرى مثل الدفاع عن حقوق الإنسان أو حرية اختيار العقيدة وما شابه ذلك!

بالتالي تبقى لنا مسالة هامة وهي مدى قدرة الإسلام نفسه كمفهوم وقانون حياة شاملة قادرة فعليا على مواجهة تحديات القرن الحالي وفهمه جيداً قبل البدء بأخذ القرار المناسب بشأن كيفية التعامل معه واستغلال طاقاته الإيجابية مقابل الحد من السلبي منه ومنعه إن استوجب الأمر ذلك وفق رؤية أخذتها بعين اعتبارها جميع جوانب الحياة الإنسانية بدون إيلاء اهتمام كبير للأمجاد التاريخية الخالية ولا لصدمات اللحظة السياسية الحالية بل بحكمة راسخة هدفها الوحيد خدمة البشرية جمعاء لما فيه خير الجميع بإذن الله تعالى.

المراجع:

[1] Edward J. Nagle, The Psychology of Internet Use: Social and Relational Aspects, Routledge, 2017.

[2] Michelle Drouin et al., Gender identity in video game culture: Exploring the relationship between gender role attitudes and online gameplay behavior, Computers in Human Behavior, Vol. 68, pp. 49–59, 2017.

التعليقات