- صاحب المنشور: إباء الحدادي
ملخص النقاش:في رحلتنا لفهم الشخصية الإنسانية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، يبرز توازنًا مثاليًا بين العقل والعاطفة. هذا التوازن ليس مجرد جانب من جوانب شخصيته بل يعكس جوهر رسالته التي جمعت بين الوحي الإلهي والحكمة البشرية. كانت عقلانيته تظهر في تفكيره الاستراتيجي البارع وتفاصيل حياته اليومية، بينما كانت انفعالاته تعبر عن مدى عمقه العاطفي وجوهره الرحيم.
العقلانية في حياة النبي لم تكن مجرد سرد منطقي للأحداث أو قرارات عملية فحسب؛ لقد امتدت إلى تقديمه للتعاليم الدينية والدنيوية بطريقة واضحة ومباشرة. يمكن رؤية ذلك في خطبه وأحاديثه حيث كان يستخدم الأمثلة العملية والقواعد المنطقية للتأكيد على البرهان على الحقائق الدينية والإرشادات الأخلاقية. مثال على ذلك هو عندما شرح كيفية أداء الصلاة لأصحابه، مشيرا إلى أهمية الانضباط والتأمل الذاتي أثناء أدائها. كما أنه استخدم الحجج المنطقية لتفنيد الأفكار الخاطئة والممارسات الضارة في المجتمع آنذاك، مما ساعد الناس على إعادة النظر في أفكارهم والسلوكيات القديمة.
من ناحية أخرى، فإن الجانب الشعوري لنبوّة الرسول محسوس بقوة في التعاملاته مع الآخرين وحكمته تجاه المشاعر الإنسانية الأساسية. فهو الذي عرف بتعاطفه الشديد وشفقته اللامحدودة. حتى خلال الفترات الصعبة مثل غزوات بدر وأحد، فضّل السلام وقتما أمكن وكان دائمًا يسعى لتحقيق العدالة غير العنيفة متى ما أمكن ذلك. كما ظهرت دلالات قوية للعطف والعطف عند زياراته للمرضى وكبار السن وغير القادرين جسدياً. هذه الرعاية الاجتماعية كانت جزءاً أساسياً من دعوته للرحمة والتسامح.
وفي النهاية، فإن الجمع بين هاتين الصفتين -العقل والمشاعر- جعل منه قدوة حقيقية لكل مسلم وعربي يرغب في تحقيق التوازن داخل نفسه وفي مجتمعه أيضا. إنها دعوة مستمرة لاحتضان كلتا الجوانب الفكرية والعاطفية والتي تشكل الإنسان الكامل المتكامل.