شهدت الصناعة في الصين تحولًا مذهلاً عبر القرون، بدءًا من الحرف اليدوية التقليدية الراقية إلى عملاق عالمي في مختلف القطاعات الإنتاجية. يعود تاريخ الصناعة الصينية إلى آلاف السنين، حيث اشتهرت البلاد بحرفة يدوية دقيقة ومتنوعة، بما في ذلك فن الخزف والرسومات المعقدة على الزجاج والعاج بالإضافة إلى النسيج ذو الجودة العالية. ومع ذلك، فإن التحول العملي حدث مع بداية الجمهورية الشعبية عام ١٩٤٩، عندما بدأ النظام الصناعي الحديث ينبثق وسط حالة الانتعاش الاقتصادي.
مع دخول السبعينات، دخل قطاع التصنيع مرحلة جديدة تمامًا مدفوعاً بمعدلات نمو سنوية تفوق ١٠٪ بين عامَيْ ١٩٧٧ و٢٠٠٣. وفي الوقت الحالي، بلغ معدل النمو الصناعي عدة مرات مضاعفة مقارنة بتلك الفترة الأولى، مما مكّن الصين من تصدير مجموعة واسعة من المنتجات إلى كل بلد حول العالم. ومنذ نهاية الثمانينات، حلت الصين محل العديد من البلدان الغربية كأسرائيل الأولى عالميًا بعدة قطاعات رئيسية مثل الفولاذ والفحم والأسمدة والإسمنت والبث التليفزيوني.
تشكل الصناعات النفطية أساس الاقتصاد الصيني الحديث؛ فهي توفر المواد الخام اللازمة لصناعات أخرى مرتبطة مباشرة بالنفط وكيمياء الطاقة والصيدلية. وفي العقود الأخيرة، اكتسبت تكنولوجيا الكمبيوتر الإلكترونية اهتمام كبير في السوق الدولية نظرًا لكفاءتها وجودتها العالية وبأسعار أقل بكثير مما تقدمه الشركات المنافسة. وقد نجحت كذلك في تطوير تقنية نووية فضائية رائدة اختزلت الأميال واتخذت موقعها جنباً إلى جنب مع أقوى الدول المتقدمة تكنولوجيا.
استطاعت الصين تحدي القوى العالمية الأخرى -وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا- ولكن تنافسها الأكثر شدة كان مع جارتها اليابانية التي عززت قدرتها التكنولوجية باستخدام التقنيات الحديثة والمعارف المستقاة منها. اليوم، تحتل الصين مرتبة مميزة ضمن قائمة الدول الأعلى إنتاجا للتكنولوجيا والميكاترونكس وغيرهما الكثير عبر مساحة جغرافية شاسعة مغلقة الأسواق المحلية والخارجية بتشكيلة متنوعة ومنافسة وصل سعرها حدود الأحلام الحمراء! إنها بذلك تؤكد أنها ليست مجرد قوة اقتصادية ضخمة وإنما أيضا طاقة خلاقة قادرة على تحقيق تقدم غير مسبوق علميا واقتصاديا واجتماعيا.