تراجع تركيا: إعادة تقييم السياسة الخارجية بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة

التعليقات · 2 مشاهدات

بعد إجراء الانتخابات الرئاسية التركية لعام 2023 والتي حقّق فيها الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان فترة ولاية جديدة، بدأ العديد من المحللين والنقاد يطرحون

  • صاحب المنشور: سفيان بن الطيب

    ملخص النقاش:
    بعد إجراء الانتخابات الرئاسية التركية لعام 2023 والتي حقّق فيها الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان فترة ولاية جديدة، بدأ العديد من المحللين والنقاد يطرحون تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الانتخابات على السياسات الخارجية لأنقرة. يُعتبر التوجه نحو سياسة خارجية أكثر اعتدالا ومراجعة للقرارات الاستراتيجية الرئيسية التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية أحد أهم المواضيع المطروحة.

العلاقة مع الغرب

أثارت العلاقات بين تركيا وأوروبا وأمريكا الكثير من الجدل مؤخراً. فمن جهة، هناك مساعي متجددة لتحسين العلاقات الثنائية، خاصة فيما يتعلق بمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بينما تشهد بعض جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية زيادة ملحوظة. ومن جهة أخرى، مازال الخلاف قائماً بشأن قضايا حساسة مثل حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية حيث يشعر الغرب بالقلق حيال تدهور الوضع الحقوقي داخل البلاد. كما أن الانقلاب الفاشل عام 2016 والعلاقات المتوترة للغاية مع الولايات المتحدة بسبب دعم الأخيرة لوحدات الحماية الكردية في سوريا أدى أيضاً إلى توترٍ كبير بين الجانبين.

مع بداية الولاية الجديدة لأردوغان كرئيس جديد، قد نشهد تحولاً في هذا الاتجاه، ربما نحو مزيد من الاعتدال والانفتاح تجاه شركاء غربيين لم تكن علاقاتهم جيدة سابقاً. إلا أنه يجب النظر بعين الحذر لما إذا كانت القيادة السياسية الجديدة ستتمكن بالفعل من تحقيق توازن دقيق بين مصالحها الداخلية والخارجية دون المساس بقوة الدولة وسمعتها الدولية.

دور تركيا الإقليمي الجديد

في الشرق الأوسط تحديدًا، لعبت تركيا دوراً بارزاً خلال الفترة الماضية عبر تدخلاتها العسكرية والمشاركة السياسية الواسعة النطاق. وقد أثارت سياساتها موجة كبيرة من ردود الفعل المختلفة - سواء أكانت دعماً أو انتقاداً شديداً - لكن يبدو أنها حافظت على مكانتها كلاعب مهم وحاسم في المنطقة. ولكن هل سيكون لقرار ناخبي تركيا التأثير نفسه؟ وهل سنشهد تغييرات جوهرية في استراتيجياتها الدفاعية والأمنية والإنسانية المستقبلية؟

إن الخطوات الأولى لتحديد توجهات السياسة الخارجية المقبلة تأتي غالبًا عقب الاجتماعات الرسمية الأولية للجنة التنسيقية الحكومية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الجديد، بالإضافة إلى تصريحات وزراء الخارجية ورؤساء الأحزاب المعارضة. كل ذلك يعكس خطوط التوجهات الأساسية للحكومة وبالتالي يعطي مفاهيم واضحة للاستراتيجيات المحتملة مستقبلاً.

تحديات الداخل التركي وتعقيداته

بالنظر للأحداث الجارية داخليا، فإن اقتصاد البلاد يشكل هاجسا دائما أمام النظام السياسي. فالاقتصاد التركي الذي يستند أساسا على التجارة والاستثمار الأجنبي لديه القدرة على امتصاص الصدمات المالية العالمية وتوفير فرص العمل للسكان البالغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة. لذلك يعد وجود بيئة أعمال مستقرة ومرنة أمر حيوي لحسن سيرورة الأمور عموما.

وبناء عليه، يمكن القول إن تركيز أردوغان أثناء ولايته الخامسة كممثل رسمي أعلى للدولة سوف ينصب بشكل أكبر على تعزيز مكانته الشعبية وإعادة هيكلة مؤسسات الحكم بطريقة تضمن له تفوقه ضمن المشهد السياسي المنقسم حاليا. وهذا بالتأكيد لن يؤثر مباشرةعلى شكل السياسات الخارجية ولكنه بلا شك سيدفع بأن تكون تلك السياسات مدروسة جيداً حتى تتوافق مع الرؤية الوطنية الشاملة للشعب وكذلك حلفائه الدوليين الذين لطالما اختلفوا معه منذ سنوات طويلة مضت بسبب اختلاف وجهات النظر حول العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحريات الشخصية وغيرها مما ذكر أعلاه آنفا .

وفي النهاية، تبقى عقبة اختيار الفريق الوزاري الرئيسي جزء رئيسياً أيضاً لأنه سيحدد مدى فعالية النهج الرسمي والمعايير المعتمدة للتخطيط الحكومي العام مستقبلاً وهو ما يتوقف أيضا كيف يتم التعامل مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الملفات ذات الطابع الدولي والصراع الحدودي والمشاكل الأمنية وغيرها المزيد...

التعليقات