نظرة داخل الحي الخلفي: بحث في سيادة اللاعدالة الاجتماعية بالمغرب خلال السبعينيات والثمانينيات

التعليقات · 6 مشاهدات

رواية "الحي الخلفي" للكاتب محمد زفزاف هي دراسة تحليلية محكمة للحياة المعقدة والشرسة للأقلية المهمشة في مدينة الدار البيضاء المغربية أثناء الفترة المضط

رواية "الحي الخلفي" للكاتب محمد زفزاف هي دراسة تحليلية محكمة للحياة المعقدة والشرسة للأقلية المهمشة في مدينة الدار البيضاء المغربية أثناء الفترة المضطربة للسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. تتخذ هذه القصّة القصيرة، المؤلفة من مئة وسبعة وأربعين صفحة فقط، شكل سرد تاريخي مستوحى من الرحلات، وتستخدم شخصية البطولة لإلقاء الضوء على مجموعة واسعة من الآثار المدمرة للتفاوت الاقتصادي والجرائم المنظمة والنظم القانونية المتعثرة.

على الرغم من كونها رواية صغيرة الحجم نسبيًا، فإنها تكشف عن تنوع كبير ومتعدد الجوانب من الحياة البشرية والصراعات الإنسانية في واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا في المدينة. يعمل البطل، الذي طُرد مؤخرًا من وظيفته ولم يعد لديه ما يخسره، كمرآة لمعاناة المجتمع المحلي بينما يكشف أيضًا عن رحلة اكتشاف ذات ذاتية ذات عمق فلسفي. إنه يدرس باستمرار الاختلافات الواضحة بين حياة الغربيين المتحضرين والعادات البدائية والأشكال غير الأخلاقية للعيش التي ابتلي بها مجتمعه الخاص.

من خلال تصويره المؤثر للشخصيات الرئيسية والثانوية - بدءًا من رجال السلطة مثل "القائد" والسائق وطاقمه المقرب؛ إلى المهنيين الخارجين عن القانون أمثال "المعلم"، الرجل العابث والمستهتر بالخمور والحشيش؛ وليس آخرهم النساء اللواتي تم استغلالهن جنسياً مثل حليمة وخديجة - تستعرض الرواية الطبيعة المركبة والمحفوفة بالمخاطر لمكان يُعتبر المكان الوحيد آمنًا لهم. إنها تشبه حقاً مرآة صادقة تعكس واقع الكثير من المدن الفقيرة عبر الوطن العربي.

ومع ذلك، فإن جمال هذه الرواية يرجع جزئيًا إلى الطريقة التي تستخدم فيها اللغة لتوصيل رسائل قوية حول المرونة والتغيير الاجتماعي. يؤكد الراوي بشكل دوري أنه ليس كاتباً ولكنه مجرد فرد رصد أحداثاً ثم قرر مشاركتها العالم. فهو يدعو القراء للاستماع إلى أصوات هؤلاء الأفراد الذين ربما ظلت قصصهم دون سماع لفترة طويلة جدًا. تعد اقتباساته التالية مثالاً رائعًا لكيفية استخدام الكتاب للخطاب الأدبي لتعزيز رؤيته:

-"... يريد أحدهم اليوم أن يفعل بي ما يشاء، سوف أترك له الفرصة، لكنّه سوف يجد نفسه أمام بطل لن يشابه ما كان يفكر فيه." هنا، يجسد الكاتب روح الإبداع والبقاء وسط تحديات كبيرة.

-"... لأن كل ما يقال قد سبق قوله بالفعل... ولكن الشيء المهم هو كيفية تقديم تلك الرسالة." وهذه الجملة الأخيرة توضح رؤية الكتاب بأن التجربة الشخصية المكتوبة جيدًا يمكن أن تكون رافداً فعالاً للتعبير الفني والاجتماعي.

وبالتالي، تعد رواية "الحي الخلفي"، بغض النظر عن بساطتها الظاهرة، مساهمة ثاقبة في فهمنا للنظام الطبقي المعقد والمعركة المستمرة ضد عدم المساواة في المجتمع الحديث. فهي أكثر من مجرد قطعة أدبية؛ بل هي وثيقة شهادة وزاوية فريدة لرؤية التغيرات الاجتماعية والديمغرافيا الداخلية للمجتمع المغربي بمجرد نهاية القرن العشرين.

التعليقات