ظهرت النظرية الواقعية الكلاسيكية في مجال العلوم السياسية والدراسات الدولية كمدرسة فكرية رداً على الروح المثالية والتفاؤلية التي سادت في العقود الأولى من القرن العشرين. تعود جذور هذه النظرية إلى القرن الخامس قبل الميلاد مع الفيلسوف اليوناني سوثيديدس، الذي رأى أن القوة الخوف هما المحركان الرئيسيان للسلوك السياسي للدول. ومع ذلك، لم تصبح النظرية واقعاً بارزاً إلا في عصر النهضة، خاصةً عبر أعمال نيكولو مكيافيلي، الذي شدد على ضرورة استخدام الوسائل المتاحة لتحقيق مصالح الدولة بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية.
يمكن وصف افتراضاتها الأساسية بأنها قائمة على ثلاث دعائم رئيسية. أولاً، تؤكد النظرية على طبيعة العلاقات الدولية الموضوعية، والتي تُحدد وفقاً لقوانين ثابتة وليست نتاجًا لرغبات الفرد أو الجماعة. ثانياً، تنكر النظرية الواقعية دور الأخلاق في رسم السياسات الخارجية للأمم؛ فهي تخضع لما يسميه المفكرون "التعبير العملي" الذي يتمثل في تحقيق المصالح الذاتية لأي دولة ضمن حدود الشرعية القانونية المحلية فقط. وبالتالي فإن القرارات السياسية تستند غالبًا إلى اعتبارات ذات طابع عملي واقعي بدلاً من قيم مثل العدالة والإنصاف. أخيراً، تولي النظرية اهتماماً خاصاً لدولة الأمّة باعتبارها وحدة التحليل الأساسية في النظام العالمي.
بالرغم من كونها مدرسة موحدة نسبياً، فقد شهدت الواقعية تطوراً فرعيًا أبرز شخصياته إدوارد كار وهانز مورغنثو. ومن هنا انقسمت حول محورين أساسيَين: الواقعيون الدفاعيون الذين يولون تركيزهم نحو السلام والاستقرار، والواقعيون الهجوميين الذين يؤيدون النمو الضخم للقوة الوطنية كأساس لاستراتيجيات دفاعهم. بالإضافة لهذه الأنواع الثلاثة التقليدية، ظهرت مؤخراً ثلاثة اتجاهات جديدة داخل المنظومة: الواقعية الكلاسيكية الجديدة، والواقعية الحديثة، والفلسفة الوقائية. كل منهما يحاول تقديم تفسيرات فريدة لسلوك الدول ونظام العالم الحالي بناءً على خصائص ومواقف مختلفة.
هذه الآراء مجتمعة تساعد علماء السياسة اليوم بفهم ديناميكيات المواجهة العالمية المعقدة بطريقة أكثر شمولًا وعلمانية مقارنة بمناهج أخرى غير واقعية بطبيعتها. إن فهم ظاهرة الحرب وصنع قرار الحرب ليس ممكن بدون تقبل بعض الحقائق المريرة التي تقدمها لنا النظرية الواقعية الكلاسيكية: الحياة السياسية رحلة مليئة بالمآسي والأخطار الدائمة.