شخصيات قوية تشكل عالم كانديد: تحليل متعمق لروايات فولتير الفلسفية

التعليقات · 0 مشاهدات

في عمله الأدبي الرائع "كانديد"، يقدم فيلسوف القرن الثامن عشر الفرنسي فولتير مجموعة غنية ومثيرة للاهتمام من الشخصيات التي توضح تناقضات الحياة والعقل ال

في عمله الأدبي الرائع "كانديد"، يقدم فيلسوف القرن الثامن عشر الفرنسي فولتير مجموعة غنية ومثيرة للاهتمام من الشخصيات التي توضح تناقضات الحياة والعقل البشري بطريقة فكاهية وساخرة. هذه الشخصية تتراوح بين الأوغاد الطيبين والأبرياء المغرورين، مما يعكس تعقيد الطبيعة البشرية وتعقيد العالم الذي نعيش فيه. سنتناول هنا التحليل التفصيلي لأبرز هؤلاء الشخصيات:

  1. كانديد: هو شخصية الرواية الرئيسية، شاب فرنسي طيب القلب و بريء. اكتسب شهرته بسبب سعيه الدائم لتحقيق الحلم المثالي للحياة الصالحة تحت توجيهات معلمه القديم، بروفسور فلسفة كوبرنيكوس. لكن كلما حاول تحقيق هذا الحلم، وجد نفسه عالقاً في سلسلة من المواقف المحزنة والمأساوية. تجسده كانديد مثالاً للشخصية الآمنة والثابتة رغم ما مرّ بها من مصائب.
  1. البروفيسور كوبيرنيكوس: المعلم السابق لكانديد وأحد أهم الشخصيات المؤثرة في القصة. يحمل اسم الفلكي الشهير نيكولاس كوبيرنيكوس، وهو معروف بفلسفته حول "الأفضلية" التي تقترح أنه حتى في وسط المصائب يوجد بعض الخير. ينصح كانتيد دائماً بالبقاء متفائلاً وثابت الرأي, مهما بدت الأمور مظلمة.
  1. العجلة الغامضة (Ogygis): امرأة غير مفهومة وغامضة تلعب دوراً مركزياً في قصة وكانتيد خلال رحلتهم عبر أوروبا الشرقية. هي رمز للقدر والحظ الذي قد يؤدي إلى خيبة الأمل وعدم اليقين.
  1. الدكتور رانجلون: طبيب أمراض نفسية يعتقد بأن جميع الناس مجانين حسب تعريفاته الخاصة للمرض النفسي. إنه يستخدم منطقيته الخاصة لتبرير تصرفات الآخرين، ليتوصل في النهاية إلى استنتاج مثير للسخرية مفادها أن الجميع بحاجة لعلاج نفسي بما في ذلك نفسه!
  1. السيدة برونشتيل: زوجة الدكتور رانغلون وكبيرة السن والتي تتمتع بشخصية قوية وحازمة بشكل مضحك. إنها تعمل كمقابلة للدكتور رانجلو وتظهر وجهة نظر مختلفة ومتوازنة بشأن الصحة العقلية والإنسانية العامة بناءً على الخبرة والمعايشة اليومية للأحداث المختلفة.
  1. التاجر البوهمي: أحد أشهر وأكثر شخصيات الكتاب بارزة؛ فهو تاجر ذكي وخبير يجسد روح تسلق السلالم الاجتماعية وتحقيق الربح بأي طريقة ممكنة -حتى وإن كانت تلك الوسيلة غير أخلاقية. يُعتبر تصوير فولتير لهذه الشخصية نقد اجتماعي حاد لمثل هذه النخب التجارية المتطرفة آنذاك وفي العديد من المجتمعات الحديثة أيضاً.

من الواضح أن اختيار فولتير لشخوص كتابه كانمدد ليس عبثيًا بل مدروس للغاية حيث يشكل كل منهم جزءا محوريا من الرسالة الفلسفية للقصة وهي قدرة الإنسان على التعامل مع الظروف الصعبة وصنع القرار الأخلاقي أمام تحديات وجودهم. إن تنوع طبائع هذه الشخصيات وانتقالاتها النفسية-الفكرية أثناء التشويقات الدرامية للقصة تضيف العمق والتفاعل لكل فصل جديد من مغامرات كانديد . وبالتالي فإن دراستكم لهذه الأشكال الإنسانية ستوفر فهمًا أكثر شمولاً للتأثير المستمر لفولتير والفكرة الوجودية المركزية لسؤال "هل نحن حقًا أحرار؟" لدى الكثير ممن قرآوا كتابه منذ نشره عام 1759 ولازال تأثيره مستمرا حتى الآن .

التعليقات