مفهوم القيم: دراسة تاريخية وفلسفية شاملة

التعليقات · 2 مشاهدات

القيم، تلك الأبعاد الغامضة والمعقدة التي تحدد تصرفات البشر ومعاني حياتهم، تعتبر أساساً حيوياً لكافة جوانب الحياة الإنسانية. إنها ليست مجرد معتقدات شخص

القيم، تلك الأبعاد الغامضة والمعقدة التي تحدد تصرفات البشر ومعاني حياتهم، تعتبر أساساً حيوياً لكافة جوانب الحياة الإنسانية. إنها ليست مجرد معتقدات شخصية أو اختيارات فردية، بل هيكلية اجتماعية وثقافية عميقة الجذور. في الفلسفة، يعد بحث القيم -الأكسيولوجيا- أحد المراجع الرئيسية الثلاثة لتفكير الإنسان الجوهري.

في الأصل، تطورت المصطلحات المتعلقة بالأكسيولوجيا من الكلمة اليونانية "axios" والتي تعني القدر أو الاستحقاق. مع الوقت، توسعت لدلالاتها لتشمل الدراسة الشاملة لما هو مهم وأساسي بالنسبة لنا. يعرفه بعض المفكرين، مثل عادل عوا، بأنه كل ما يحظى باهتمام كبير وثمين لدى مجتمعات الأفراد. هنا، يشير مصطلح "شأن" إلى القيمة نفسها أو قدرتها على التحقيق.

ومن منظور غالبية المفكرين والفلاسفة، بما في ذلك نيتشه ولوويل فايل، فإن مفهوم القيم ليس جديدا بل متعدد الطبقات ومتفرع عبر الزمان والتاريخ. علماً بأن اللغة العربية قد وظفت لفظتي "القيمة" و"القوام"، المرتبطتين بالقانون والعقلانية والأخلاقيات العامة.

على المستوى التاريخي، لعبت القيم دوراً محورياً في التفكير الفلسفي خاصة عند اليونانيين القدماء. فقد شكلت جزءاً رئيسياً من النطاق السياسي والاجتماعي للتفكير في تلك الفترة. أسس أفلاطون وسقراط وبناءهما النظري حول المجتمع المثالي والقيم الروحية استناداً لمثل "النفس الخالدة" خارج حدود الواقع الملموس. بينما رأى أرسطو في فضيلة التشابك بين الرذائلين الطريق نحو تحقيق القيمة الحقيقية للأفعال الإنسانية.

مع دخول عصر النهضة الأوروبية، تأثر تفكير الفلاسفة المعاصرين بشكل كبير بسياق العلم الطبيعي الناشئ آنذاك. ظهر نموذجان رائدان من نماذج فلسفة القيم؛ أولهما نهج كانت "الكانتيون" الذي وضع أساسا للتزام المطلق للقوانين الاخلاقيه بدون ارتباط بالحصول على مكاسب ماديه مباشره كما دعا اليه الوضعيين المنفعين .

تجدر الاشارة انه رغم الاختلاف الكبير فيما يتعلق بطرق الوصول الى فهم شامل لقضايا القيمه ، تبقى نقطة البداية واحدة : الاعتراف بان القيم هي جوهر وجود الانسان وصميم اهتمامه الأسمى .

التعليقات