يعد المجهر الإلكتروني أحد الأدوات الثورية التي غيرت وجه البحث العلمي وأتاح لنا رؤية العالم على مستوى الجزيئات والميكروبات. تتلخص إحدى أهم مزايا هذا الجهاز الرائع في قدرته الفائقة على تكبير الأجسام الصغيرة بشكل غير مسبوق، مما يسمح للباحثين بدراسة بنيات دقيقة كان من المستحيل رؤيتها باستخدام المجاهر الضوئية التقليدية. ومن خلال هذه المرئيات المكبرة للغاية، يمكن اكتشاف تفاصيل خفية داخل الخلايا والجسيمات النانوية وغيرها من الهياكل الحيوية والكيميائية. كما يوفر المجهر الإلكتروني أيضًا دقة عالية جداً عند تصوير العينات، وهو ما يعزز فعالية التحقيقات التجريبية ويُسهِّل عمليات تشخيص الأمراض وحلها.
على الجانب الآخر، هناك بعض العوائق الرئيسية المرتبطة باستعمال المجاهر الإلكترونية؛ أولاً، يعدّ الحصول عليها واستخدامها مكلفا نسبياً مقارنة بالمجاهر الأخرى مثل تلك القائمة على التصوير البصري، وذلك بسبب تعقيداتها وهندستها المتقدمة التي تعتمد شبكات متعددة للأشعة الإلكترونية والأجهزة الاستقبالية المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية تحضير العينات لفحصها عبر جهاز المؤشر قد تكون معقدة وتتطلب مهارات خاصة ومعرفة واسعة حول كيفية حفظ المواد البيولوجية بدون تلف أثناء مراحل التعامل المختلفة قبل وبعد تعرضها للإشعاعات الإلكترونية. كذلك، يلزم وجود خبرات علمية متخصصة لتفسير بيانات فحص العينات بمجهر إلكتروني بصورة سليمة لأن نتائج الصور قد تحتوي على تأثيرات جانبية ناجمة عن ظروف الأشعة والإضاءة المستخدمة في العملية والتي تحتاج لفهم عميق للقواعد الفيزيائية لتطبيقات الكهرومغناطيسية وعلم الدماغ المعرفي لفهم البيانات المُنتَجة. أخيرا وليس آخراً، تتميز صور مجهرة الإلكترون بأنها مستقطبة ذات بعد واحد ولا تسمح بالحصول على معلومات ثلاثية الأبعاد كاملة للعينات المدروسة إلا بدرجات متفاوتة حسب تركيب وصناعة نوع المجهّر نفسه وطريقة طباعته الرقمية الرنانة. ورغم كل هذه العقوبات الطفيفة نسبيًا أمام ثراء ونطاق استخدماته الواسعة جدًا، إلّا أنها تبقى مسائل جوهرية ينبغي مراعاتها ضمن اعتبارات اختيار أدوات البحث العلمي المناسبة لكل مشروع وتحقيق أعلى درجات الجدوى بتوفيق الله عز وجل.