على الرغم من الفوارق الجغرافية والتاريخية الواسعة، يظهر هناك العديد من النقاط المشتركة بين حضارتين حربيتين قويتين هما شعب الفايكنج والمغول. رغم أن هذه الثقافتين المنفصلتين جغرافياً وتاريخياً قد تطورتا بشكل مستقل, إلا أنهما وجدا نفسيهما ضمن سياقات إستراتيجية مماثلة مما أدى إلى ظهور بعض التشابهات المثيرة للاهتمام.
أولاً, كلا القبيلتين عرفتتا بكفاءتيهما العسكرية البارزة. كان الفايكنج معروفون بشراكتهم البحرية ومهاراتهم المحاربية الشرسة بينما اشتهر المغول بتكتيكاتهم المتقدمة والاستخدام الاستراتيجي للخيول البربرية. لكن عند النظر بشكل عميق أكثر, نجد أن كل منهما اعتمد على نظام اجتماعي يقوم على الولاء للقائد العسكري والشخصيات القيادية الأخرى داخل المجتمع. هذا التركيز على السلطة المركزية في التعامل مع القوات العسكرية يشترك فيه الاثنان كليهما.
ثانياً, كانت الحروب بالنسبة لكل من الفايكنج والمغول ليست مجرد وسيلة للحصول على الأرض والثروة فحسب, بل كانت أيضاً جزءاً أساسياً من حياتهما الروحية. معتقدات الفايكنج حول الحياة الآخرة ترتكز جزئياً على الأفعال البطولية التي يتم تحقيقها خلال المعركة. وبالمثل, عززت العقيدة المنغولية دور الحرب كأساس للتطور الشخصي والحياة الدينية.
بالإضافة لذلك, يقدم كلا الشعبين أمثلة رائعة لكيف يمكن للدراسات الإقليمية والعلاقات التجارية الدولية المساهمة في تبادل الأفكار والمعارف. بعد الفتوحات الكبيرة للفايكنج عبر أوروبا وأجزاء من العالم القديم, أصبحوا مركز التجارة الرئيسي للنورديين لعدة قرون قبل أن تتراجع تلك الهيمنة تدريجياً لصالح الدول الأوروبية الناشئة. وفي حين لم يكن للمغول تجارة واسعة النطاق كما هو حال الفايكنج, فإن شبكات التواصل الخاصة بهم والتي امتدت عبر آسيا الوسطى حتى الصين أثرت بشدة على انتشار الفنون والعلوم والتقاليد الثقافية المختلفة بين المناطق المختلفة.
في نهاية المطاف, رغم اختلافاتهما الظاهرة, تحتوي حياة وشعائر وخرافات كل من الفايكنج والمغول على عناصر مشتركة تعكس طبيعتها البدوية المستوحاة من الصحاري والأراضي المفتوحة التي عاشوا فيها. وهذه الثراء المشترك للعادات والقيم المشتركة يعرض لنا صورة أكثر شمولية لفهم أسرار هذان التاريخان الغنيان والقويان.
