في القرن السابع عشر، كان العالم الأوروبي يشهد فترة مظلمة من الخوف والكراهية فيما يتعلق بالظواهر الغامضة والمجهولة. خلال هذا الوقت، كتب هانز مارتن غريمتشاور "مطرقة الساحرات"، وهي واحدة من أكثر الأعمال تأثيراً في تاريخ المقاضاة ضد ما يُعرف بالسحر والمشعوذين. يقدم الكتاب دليل شامل لكيفية التعرف على السحرة ومحاكمتهم.
تُعتبر "مطرقة الساحرات" كأداة أساسية للقضاة والقساوسة للتعامل مع الادعاءات المتعلقة بالسحر. رغم أنها ليست أول عمل من نوعها، إلا أنها كانت الأكثر انتشاراً وأثرًا. تتكون هذه النشرة القانونية الطويلة من ثلاث أقسام رئيسية: قسم نظري يستعرض الأدلة الشرعية للسحر، قسم عملي يحتوي على اختبارات لتحديد السحرة، وقسم أخلاقي يشرح العقوبات المناسبة للمدانين بالنشاط السحري.
القسم النظري يغوص في التفاصيل الدينية والفلسفية حول طبيعة السحر وكيف يمكن تمييزه عن الأفعال الروحية الطبيعية الأخرى. غريفثالور يؤكد أن السحر هو عمل شركي، وأن الشيطان نفسه قد يدخل البشر ليقودهم نحو الطريق الخطأ. ويصف كيف يتم تجنيد الأشخاص عبر عقد عقود مع الشيطان للحصول على قوى خارقة.
أما القسم العملي فهو الجزء الأشد جدلاً من الكتاب. هنا، يتم تقديم مجموعة متنوعة من الاختبارات التي تستخدم عادة للإدانة بالإجرام السحري. بعض هذه الاختبارات غير إنسانية بشكل واضح مثل الرمي في الماء - فإذا بقيت الشخص عالقا فوق سطح الماء فهذا يعني براءته بينما إذا غرق فهي دلالة على ذنبهم. كما تم استخدام طرق أخرى كالتصديق الجسدي للتأكيد على الصراعات بين الأفراد عند إجراء استجوابات محكمة.
وفي النهاية، يناقش غريفثالور العواقب الأخلاقية لأولئك الذين وجدوا مذنبين بالسحر. ويؤكد أنه وفقا للدين المسيحي، فإن الموت ضروري كعقاب لكي يتم تطهير الضمان الاجتماعي من هؤلاء الأفراد الأشرار.
ومهما يكن الحال، يسلط "مطرقة الساحرات" الضوء على مدى الظلام الذي يمكن أن يصل إليه المجتمع عندما يخاف ويتخيل وجود قوة شريرة خارج نطاق الفهم الإنساني الاعتيادي. إنه تحذير مرعب عن قوة العنف في المجتمعات التي تخشى ما تفهمه قليلاً وتخشاه كثيرا.