يعدّ الدكتور جان بياجيه شخصية بارزة في عالم علم النفس التربوي، حيث ترك بصمة واضحة عبر نظرياته حول نمو الفكر البشري وتطوره. ولد هذا العالم السويسري الشهير عام 1896 لعائلة فرنسية الأصل. بدأ اهتمامه بدراسة العقل البشري منذ سن مبكرة جداً أثناء عمله كمساعد للامادي ميشيل في معهد متييه للأبحاث العلمية.

في بداية القرن العشرين، أسس بياجيه مساهمته الأولى التي كانت أساساً لنظرياته اللاحقة عندما نشر كتاب "الذكاء والفكر عند الأطفال"، والذي ركز فيه على قدرة الطفل على التفكير المنطقي وحل المشكلات بطريقة ذاتية أكثر مما كان معتقدا سابقا. ومن خلال دراسته لأطفال مختلف الأعمار، طور بياجيه مراحل تنمية معرفية مثل المرحلة الحسية الحركية، والمراحل العملياتية قبل الرمزية، ومراحل التشغيل العقليا وغيرها الكثير.

تعتبر النظرية الأكثر شهرة لبياجيه هي نظرية التكييف المعرفي والتي تتألف من أربع مراحل رئيسية وهي مرحلة الحسي - الحركة، مرحلة ما قبل التشغيل، مرحلة العمليات المحلية ومرحلة العمليات الرسمية. ولكل منها خصائص وتحديات تعليمية فريدة تساعد المعلمين والمعلمين المستقبليين على فهم كيفية تقدم الطلاب نحو اكتساب المهارات الأكاديمية المناسبة لهم حسب عمرهم وما يمرون به من تغيرات نفسية ومعرفية مستمرة وبالتالي تصميم بيئة تعلم فعالة تستغل هذه القدرات المتغيرة باستمرار لدفع عجلة التحصيل الدراسي بشكل إيجابي ومتدرج بما يناسب كل طالب وقدراته الخاصة.

إن تأثير أعمال بياجيه ليس فقط في مجال التعليم ولكن أيضاً توسع ليصل للعلاج النفسي والأدوات البحثية المستخدمة لفهم دور البيئة المؤثرة على تطوير مهارات حل المشاكل والإبداع والحكم الاجتماعي الجيد у дитях والشباب وكبار السن حتى؛ وهو ما يعكس مدى عمق رؤيته ونظرته ثاقبة للموضوع. بالإضافة لذلك فإن طريقة تفكير بياجيه وأسلوب بحثه قد شكلوا نواة للعديد من الدراسات التجريبية الحديثة حول دماغ الإنسان خاصة فيما يتعلق بتنميته وعلاقته بالذاكرة والعاطفة واتخاذ القرارات المصيرية والمشاركة الاجتماعية المختلفة ضمن الثقافات المجتمعانية الداخلية والخارجية للسلوك الإنساني العام والحياة اليومية اليوم.