تُعتبر الجغرافيا البشرية فرعاً هاماً ضمن علم الجغرافيا التي تهتم بدراسة كيفية تأثير البيئة الطبيعية والتاريخ الاجتماعي والثقافي للبشر على بعضهما البعض وكيف يؤدي هذا إلى تكوين وتطور المجتمعات والإنسان بشكل عام. هذه الفروع المتعددة - بما فيها الاستيطان البشري، الاقتصاديات المحلية، الديناميكيات الاجتماعية، والعلاقات الثقافية – كلها تتداخل لتشكل ما يعرف بالجغرافيا البشرية.
منذ القدم، أثرت المناظر الطبيعية المختلفة والتضاريس الخاصة بكل منطقة في سلوك الإنسان ونمط حياته. المناطق القاحلة والجبال الشاهقة والمناطق الخصبة قد شكلت طرق عيش مختلفة بين الشعوب عبر الزمن. بالإضافة لذلك، فإن التاريخ الغني لكل مجتمع ترك بصمة واضحة في جغرافيا المنطقة. المدن القديمة مثل روما وبابل ومصر مثلت مراكز حضارية عظيمة بسبب موقعها الاستراتيجي والقوة السياسية لها آنذاك.
كما لعبت الديناميكيات السكانية دوراً محورياً أيضاً؛ فالأعداد الكبيرة من الناس أدت إلى تطوير تقنيات جديدة للتوسع العمراني واستخدام الأراضي بكفاءة. أما التركيبة الديموغرافية للمجتمعات فقد أثرت أيضا، فعلى سبيل المثال، الهجرة الداخلية والخارجية غيرت كثيراً من الخرائط السكانية لأجزاء عديدة من العالم.
وفي الوقت الحالي، يستمر دور الجغرافيا البشرية في التأثير الكبير. إذ تعالج قضايا مهمة كالتغير المناخي والتوزيع العالمي للموارد والإحلال والاستعمار الثقافي وما يرافقه من نزاعات حدودية وتعزيز للهويات الوطنية والدولية الضيقة. إنها حقا ظاهرة ديناميكية ومترابطة للغاية.
في المجمل، توضح دراسة الجغرافيا البشرية كيف يمكن للعوامل المكانية والاجتماعية والثقافية العمل جنباً إلى جنب لخلق بيئات متفردة وغنية بالحياة الإنسانية حول العالم.