خصائص وأشكال الكوميديا عبر التاريخ

التعليقات · 3 مشاهدات

الكوميديا هي نوع أدبي وفني يتميز بتقديم المواقف والمفارقات بطريقة هزلية ومضحكة لتحقيق الترفيه والاستمتاع لدى الجمهور. هذه الفئة الأدبية الغنية تعود جذ

الكوميديا هي نوع أدبي وفني يتميز بتقديم المواقف والمفارقات بطريقة هزلية ومضحكة لتحقيق الترفيه والاستمتاع لدى الجمهور. هذه الفئة الأدبية الغنية تعود جذورها إلى العصور القديمة، وبالتحديد إلى الثقافة اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد عندما قدم المسرحيون مثل أريستوفان عمل "الفرس" كجزء من الاحتفالات الدينية. منذ تلك اللحظة، تطورت الكوميديا لتشكل عدة أشكال مختلفة تستوعب مختلف المنظورات وتوجهات الفنانين.

تتمثل إحدى أهم سمات الكوميديا فيما يُطلق عليها "الواقع الاجتماعي". غالباً ما يستمد الكتاب والفنانون إلهامهم من حياة الأشخاص اليوميين وقضاياهم وحواراتهم الطبيعية لإنتاج محتوى كوميدي ذو صدى عميق بين الجماهير. يعتمد هذا النهج على التركيز على جانب الحياة الأكثر ضوءاً وإيجابية، مستخدماً الفكاهة والإدراك للسخرية للتغلب على حقيقة الحياة الحلوة المرّة.

ومن الحقائق البارزة الأخرى حول الكوميديا أنها تشجع بشدة على قيم الحرية والمساواة والتبادل الاجتماعي المشترك. يتم تمثيل جميع الشخصيات بمكانتهم الخاصة ضمن المجتمع المسرحي؛ فليس هناك شخصية مهيمنة تفوق الآخرين كما يحدث غالباً في الدراما التقليدية. عوضاً عن ذلك، تكشف الأعمال الكوميدية عيوب البشر وسذاجتهم وما ينتج عنها من نتائج طريفة وخاطئة كثيرة.

يمكن اعتبار المؤلف الكوميدي محلل نفسي أكثر منه محللاً داخليا للشخصيات - فهو يرسم صورته لها بناءً على تصرفاتها وردود فعلها الخارجية تجاه المُثيرات البيئية. ولعل واحدة من الطرق الشهيرة لجذب الانتباه واستمرارية التشويق هي إضافة جرعة رومانسية خفيفة خلال بداية العمل مما يؤدي لصعود مشاعر الزور - لكن سرعان ما تنكشف الطبقة الراقية لهذه العلاقات ويظهر الواقع المؤلم خلف ستائر الأحلام المثالية.

بالحديث عن عناصر جذب الانتباه، تعد الموسيقى والأغنيات والدعابات جزء أساسي من كل عرض كوميدي تقريبًا؛ فهي تزود الجمهور بإيقاعات دراماتيكية تغذي روح الضحك المتزايدة وتعكس الحالة المزاجية العامة للعرض. بالإضافة لذلك، غالبًا يوجد دور رئيسي لأحد الشخصيات المعروف باسم "المهرّج"، والذي يجسد ساذج ساخر يستخدم سلسلة من الألعاب اللغوية والحيل المبتكرة لافتعال موقف مثير للاسترخاء والسعادة وسط حالة من الفتنة العامّة غير المعتاد عليها الجمهور.

تقسيم الكوميديا إلى أصناف وأنواع متعددة يعطي مؤلفينا حرية التصوير للأحداث حسب الرؤية التي يريد إيصالها للقراء/مشاهديه; فقد اخترنا لمحة مختصرة لنذكر منها:

1- الكوميديا الكلاسيكية: تعتبر نموذجاً نقياً بكيفية استخدام الخطوط الأولى لمفهوم الفن الهزلي وقد تناولت مسائل عقائدية واجتماعية رفعت شعارات فلسفية هامة آنذاك .

2- الكوميديا الرومانسية: تجمع بين الأمزجة الخفيفة والرغبات الملحة في علاقة حبٍ غريبة الأطوار ولكن صادقة ومعبرة بحق لحالة الإنسان الإنسانية وهي تسعى دائمًا للحفاظ علي الانسجام الزوجي المستقر .

3- كوميديا الدعابة: والتي تتميز بأنها قصص بسيطة يحيط بها جوٌ مرح مليئ بالإشارات المخادعة والمكر والكرم اجتمع فيه الخير والشّر بصورة لطيفة تبدو وكأن لكل طرف هدف واضح ومتكامل مع الثاني.

4- الكوميديا الأخلاقية: تعرض وجه نظرتها نحو مجتمع معاصر باستخدام المدح والسخرية المقنعة بهدف توجيه رسائل ذات تأثير عميق حول ضرورة احترام القواعد والقوانين الاجتماعية والقويم الأخلاقي الإسلامي خصوصا لما له من وقع كبير وغنى ثقافي تاريخي مميز.

5- الكوميديا بالأخطاء: تُبرز التفاصيل الصغيرة جداً داخل قالب شكسبيري بامتياز فتولد بذلك كثير من المواقف المرتبة بدقة عالية جعلت اسم وليام شكسبير خالدآ حتى عصرنا الحالي باعتباره رمزًا بارعا وجديد لمدة خمس قرون كاملة!

6- الكوميديا العاطفية: تجسد ترابط الشعور بالحزن والفزع جنباً إلي جنب مع العنصر الرئيسي وهو التعليق الساخِر الذكي الذي يحذرنا بلطف شديد بشأن خطر الوقوع تحت وطأة أي изнаси مصطنعه أو تضليل آخر .

7- الكوميديا بالمؤامرات: تعمل هنا وفق نظام مغلق تمام الاختتام حيث يعمل مجموعة صغيرة نسبيًا من اللاعبين على حل لغز واحد ربما انتهى الأمر برمته برضا الجميع وإنهاء النزاع القائم حاليًا بطريقة منمقة للغاية ورائعة للغاية أيضًا !

وفي نهاية المطاف فإن طبيعة وعنصر "الفكاهة" سواء كانت مدفوعة بالعناية المبنية على الأساسيات أم قُدمت لنا كموضوع مفتوح للنقاش يبقى ثابتًا ودائمة صبغه الخاص بنا كونها تحمل خاصية فريدة وهي قدرتها التحويلية للإنسان المصاب بالاكتآب لرجل سعيد مُحب للحياة!

التعليقات