تُعدّ الفلسفة السكولائية مرحلة مهمّة في تاريخ الفكر الغربي ارتبطت بشكل كبير بالعصر الوسيط لأوروبا وأثرت بشكل كبير على مجالات الدين والفلسفة والعلم. سميت بهذا الاسم نسبة إلى "السكولا"، والتي تعني المدرسة باللغة اللاتينية القديمة. ظهر هذا الاتجاه الفكري نتيجة لجهود رهبان الأوامر الدينية الذين كانوا يعملون كمدرسين ومدرسين جامعيين، مما أدى إلى تطوير نظام أكاديمي قوي يعتمد أساساً على التأويل والتفسير للكتاب المقدس وعلوم مثل المنطق والكلامية والفيزياء وغيرها.

يمكن تتبع جذور الفلسفة السكولائية إلى القرن الثاني عشر عندما بدأ النصارى الأوروبيون بتدريس أعمال فلاسفة اليونان القديمة ضمن سياقهم الديني المسيحي. ومع ذلك، فإن الأصل الحقيقي لهذه الحركة يعود إلى عمل القديس توما الأكويني (1225-1274م) والذي يعتبر أحد أشهر الشخصيات المرتبطة بها. طوّر الأكويني منهجاً فريداً وصفه بأنه محاولة للتوفيق بين التقاليد الفلسفية الإغريقية والثقافة اليهودية والمسيحية. وقد حققت هذه الجهود نجاحاً واسع النطاق وتم تبنيها من قبل معظم الجامعات الأوروبية آنذاك.

ركزت الفلسفة السكولائية على تحليل وتوضيح المفاهيم والمعاني الموجودة في النصوص الشرعية والدينية وذلك باستخدام الأدوات المنطقية المستمدة من أفلاطون وأرسطو. ركزوا أيضاً كثيراً على طبيعة الله والإنسانية والحياة الآخرة. بالإضافة لذلك، اهتمت الدراسات العلمية تحت مظلة الفلسفة السكولائية بإعطاء تفسيرات منطقية للأحداث الطبيعية استنادا إلى الكتاب المقدس.

ومن أهم الخصائص الأخرى للفلسفة السكولائية هي استخدام التقليد القائم على التعلم بالحفظ ("الديجتاري") حيث كان الطلاب بحاجة لتذكر وفهم النصوص التي يتم تدريسها بدلاً من مجرد فهم الأفكار فقط. كما أنها تشجع على المناظرة والمجادلات الأكاديمية لتحقيق الوصول لحقيقة مقبولة عالمياً.

بشكل عام، كانت الفلسفة السكولائية حركة ثاقبة ومتنوعة أثرت بشدة ليس فقط في العالم الأكاديمي ولكن أيضا في المجتمع ككل. فهي قدمت إطارًا لفهم للعالم يمكن أن يندمج مع معتقدات دينية راسخة ويستوعب المعرفة الجديدة المكتسبة من الثقافات الأخرى.