نشوء التراجيديا: رحلة عبر جذورها اليونانية العريقة

التعليقات · 1 مشاهدات

ارتبط مفهوم التراجيديا ارتباطاً وثيقاً بالحياة الاجتماعية والثقافية للأثينيين القدماء منذ أكثر من ٢٥٠٠ عام. يعود الفضل لليونان في ابتكار هذه الظاهرة ا

ارتبط مفهوم التراجيديا ارتباطاً وثيقاً بالحياة الاجتماعية والثقافية للأثينيين القدماء منذ أكثر من ٢٥٠٠ عام. يعود الفضل لليونان في ابتكار هذه الظاهرة الأدبية المتفردة والمعبرة، والتي استمرت لتؤثر بشكل عميق على الفن والأدب العالمي. يشير المصطلح نفسه - "تراجديا" (Tragedy) - إلى طبيعتها الأصلية المرتبطة بالمهرجان الديني المعروف باسم ديونيسيا. خلال هذا الاحتفال السنوي، والذي كان يحظى بدعم مباشر من الدولة، كان المواطنون يجتمعون لرؤية تمثيلاً حيّاً لقصة محنة شخصية بارزة ضمن أساطيرهم الشعبية. لقد مثلت هذه التراجيديات - رغم جوها الجنائزي ومشاهد الموت فيها - مظاهر احتفاء اجتماعية واجتماعية بقدر ما كانت مجرد وسائل للتسلية البسيطة. فقد حرص المسؤولون الحكوميون على تغطية تكلفة الحضور لمن يعجز عنه الدفع منهم، إيذانا بإشعاع الثقافة والعلم لدى جميع شرائح المجتمع.

كان جمهور المشاهدين خلال عروض التراجيديا الأولى يمثل طبقات متعددة من المجتمع، بما فيها الطبقة الحاكمة وكبار الكهنة. اقتضى الأمر ارتداء أقنعة أثناء التمثيل بسبب حجم الجماهير الهائل والسعي للحفاظ على سرية الهويات الشخصية لكل فرد مشارك في تنفيذ العرض المسرحي. وعلى الرغم من عدم وجود نساء كممثلة فعليّة، إلا أنه شهد عصر الامبراطورية الرومانية تطورا ملحوظا بالسماح للمرأة بأن تصبح جزءا أصيلا من عالم الدراما.

ومن أهم الشخصيات المؤثرة بصناعة تراجمها العالمية إسحق كوريلسكياس، وفيدريك سوتريمنديس ، وجورج بيردس, الذين قدموا لنا أعمالا مازالت تحتفظ بشعبية كبيرة إلى يومنا الحالي كتراجيديا 'أوديب' الشهيرة وكذلك 'هرقلس'. تشغل هاتان القصتان مكانتهم الخاصة نظرا لحكمتهما وحكمة شخصياتهما المركزة حول مواجهة الألم الإنساني والموت الغامضة . تجسد هذة الأعمال جانب العمق والتأمّل داخل النفس البشرية بينما تستكشف علاقتنا بالألوهية واتخاذ القرارات الأخلاقية تحت الضغط الكبير . تبقى التأويلات المختلفة لهذه الكتابات غنية وغزارة بالعبر التي تتخطى الزمن والتاريخ ليصبح تأثيرها ذا مدى أثيري خالد .

التعليقات