إن قلب الإنسان يتميز بعدد محدد ومميّز من العضلات، وهو ليس كما قد يُعتقد كثرةً من العضلات إنما هو عبارة عن عضو واحد معقد تركيباً وفعالاً وظيفياً. هذا "العضو الواحد"، والذي يعرف باسم عضلة القلب، يلعب دوراً أساسياً في حياة كل كائن حي. فهو المسؤول مباشرة عن عملية ضخ الدم عبر شرايين وأوردة الجسم كافة.
تركيبة عضلة القلب فريدة وتتألف من مجموعات دقيقة من الخلايا العضلية. طول هذه الخلايا يقارب الـ 0.1 ملليمتر بينما عرضها حوالي 0.02 ملليمتر فقط. تشكل هذه الخلايا نموذجاً هندسياً واضحاً بسبب الترتيب المتساوي لبروتينَيْ الأكتين والميوسين ضمنها. هذه الخاصية الهندسية تعكس قدرة مذهلة على الانكماش والاسترخاء بشكل منتظم ودقيق جداً.
بالإضافة لذلك، تحتوي كل خلية قلبية على نوات واحدة ومع العديد من الميتوكوندريات – هياكل صغيرة بداخل الخلايا تعمل كمولدات الطاقة الخاصة بها-. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك عضلة القلب ما يعرف بالأقراص بينية والتي تساهم في نقل السيالات الكهربائية بين الخلايا المختلفة، مما يسمح بانسيابية وانسيابية حركة القلب عند الانقباض.
بالانتقال للحديث عن الوظائف النوعية لعضلة القلب، فإن إحدى الفروقات الرئيسية لها مقارنة بالعضلات الهيكلية هي كونها غير ارادية الحركة. بدلاً من التحكم فيها بواسطة الدماغ والأعصاب المركزية، تضبط خلوات خاصة معروفة بمستقبلات القلب الطبيعية إيقاع نبضات القلب. رغم عدم سيطرتنا عليها مباشرة إلا أنه يمكن لجهاز العصب المركزي التأثير على سرعتها بناءً على احتياجات الجسم المتغيرة باستمرار. عندما تصدر المستقبلات الطبيعية للإيقاع مؤشرات كهربائية، تنقل تلك الرسائل عبر الشبكة المعقدة للخلايا العضلية القلبية، فتحدث سلسلة من الانقباضات المنتظمة التي نتعرف عليها جميعاً كنبضات القلب.
بهذا القدر الكبير من التعقيد والدقة، يعمل قلبنا كالآلة الزمن الرشيقة التي تحافظ الحياة داخل أجسادنا دومًا دافئة ونابضة بالحياة.