"كوابيس بيروت"، وهي عمل أدبي مؤثر للكاتبة العربية الشهيرة غادة السمان، يستعرض بلا رحمة واقع العاصمة اللبنانية أثناء فترة الحرب المخيفة والدمار الهائل. بدأ العمل في العام 1975 وانتهاءه في فبراير/ شباط من السنة التالية, مما جعله وثيقة حيّة لما شهده لبنان خلال تلك الفترة المضطربة. نشر أولاً كمجموعة مقالات طويلة في مجلات لبنانيّة مرموقة قبل توثيقه ضمن شكل الكتاب النهائي.

تبرز أهمية هذا العمل في تصويره الواقع المعاش بشكل حقيقي وشخصي للغاية. تبدأ الشخصيات - خاصة البطل الرئيسي - رحلتها وسط دوام انفجارات والقذف المستمر للأسلحة الثقيلة. وفي لحظات بارزة من الكتاب، يسأل المؤلف نفسه إذا كان هناك مكان للأدب حين تنعدم الأمن والحريات الإنسانية الأساسية. إنها محاولة للتعبير عن حالة فقدان الهوية والفوضى التي اجتاحت المدينة آنذاك.

باستخدام تقنية سرد الذات، تعكس السمان مشهد الحياة اليومية تحت وطأة الحرب. نعبر سوياً مآسي الناجين الذين يحاولون الفرار من الموت عبر مساعدة بعضهم البعض؛ الأطفال والعائلات المسنة هم أكثر تلك الفئات تعرضًا لهذه المحنتين الدنيويتين. ومع ذلك فإن التجربة الشخصية للكاتب ليست أقل تأثيرا بكثير لأنها تلقي الضوء أيضا على الاستياء السياسي وأوجه الفقر المتفشيه والتي جعلتا المواطنين يشعرون بالخذلان والاستضعاف.

ومن الجدير ذكره تفرد هذه الرواية بإهدائها الخاص، والذي يكرم جهود طاقم الطباعة والموظفين الآخرين الذين ظلوا يعملون بصمت رغم خطر القصف والتحديات الأخرى المرتبطة بالحرب. وهذا الاعتراف بالمجهولين يعد اعترافاً نادرا ولكنه وازن بموضوعيتها وجدارة تقديره.

وفيما يلي بعض المقاطع المؤثرة من الرواية:

* "المحايدون هم المجرمون الأوائل... الأغلبية الصامتة هي الأكثرية المجرمة؛ فهي ترى الظلم وتعانه إلا أنها تختار سلامة رخيصة عوضاً عن خوض معركة شريفة".

* "... ولماذا لا يعترفون بأنه لا يوجد خلاف حول ملكية قصور بالسماء وإنما حول المنافسة بشأن مبنى شاهق يصل ارتفاعه نحو السماء."

* "هذا منزلي وسأموت هنا، لن أعيش مهمشا مطرودًا من أرضه."

هذه المشاهد وغيرها الكثير تشكل جزء كبير مما يصنع قوة تأثير هذه القطعة الرائعة. تعتبر قصة "كوابيس بيروت" دراسة تاريخية مثالية ومتعددة الطبقات للحياة البشرية في مواجهة كارثة وطنية شاملة.