تعدّ اتفاقية لاهاي، المعروفة رسمياً باتفاقية لاهاي لسنة 1954 بشأن حماية الملكية الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، واحدة من أهم الاتفاقيات الدولية التي تم تنسيقها بعد الحرب العالمية الثانية. وتهدف هذه الاتفاقية بشكل أساسي إلى ضمان الحفاظ على التراث الثقافي للأمم وممتلكاتها الفنية خلال الأوقات الصعبة مثل الحروب والنـزاعــات العسكريــة.
تم توقيع الاتفاقية لأول مرة في مدينة لاهاي الهولندية بتاريخ 14 مايو عام 1954، وقد شاركت فيها العديد من الدول بهدف تعزيز احترام القيم والتراث الثقافي العالمي وتوفير آلية قانونية لحمايته. تتكون الاتفاقية من خمسة فصول رئيسيين تغطي مجموعة متنوعة من المواضيع ذات الصلة بحفظ التراث الثقافي بما في ذلك تعريف "الملكية الثقافية"، والقواعد المتعلقة بنقل ونقل المواد الثقافية المحمية تحت القانون الدولي، بالإضافة إلى تنظيم عمليات البحث العلمي والأثر المنظمة بموجب سلطة الدولة المعنية.
تنص الاتفاقية أيضاً على ضرورة وضع سياسات وإجراءات لتسجيل ودراسة واستعادة الأعمال الثقافية الهامة عقب انتهاء النزاعات. كما تؤكد على دور المجتمع الدولي ومنظماته المختلفة في مساعدة البلدان المتضررة بإعادة بناء ومحافظة هذا التراث الثمين. أحد الأمثلة البارزة لكيفية تطبيق هذه الاتفاقية هو إعادتها لعدد كبير من قطع الآثار اليونانية القديمة والتي تمت سرقتها وخروجها خارج حدود البلاد نتيجة للغزو الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.
من الجدير بالذكر أنه رغم كونها خطوة مهمة نحو الاعتراف بالقيمة العالمية للفن والثقافة، إلا أنها لم تكن خالية من الانتقادات بسبب بعض ثغراتها التي ظهرت مع مرور الوقت. ومع ذلك، فقد ظلت نقطة انطلاق أساسية لاتفاقيات أخرى أكثر تحديداً حول مواضيع مشابهة، مثل الاتفاقية الملحق بها لقانون جنيف الرابع لعام 1977 واتفاقية يونسكو بشأن المساهمة في تخفيف آثار أعمال الإرهاب ضد التراث الثقافي لعام 2005.
في النهاية، تعتبر اتفاقية لاهاي جزءاً أساسياً ومتكاملاً للجهود المبذولة للحفاظ على التاريخ الإنساني المشترك وحماية الجوانب الروحية والمادية للتقاليد الثقافية عبر العالم.