تزخر رواية "زمن الخيول البيضاء"، للمؤلف الأردني إبراهيم نصر الله، بوصف دقيق ومتنوع للتاريخ الفلسطيني خلال قرن ونصف تقريبًا. تقدم الرواية نظرة متعمقة على حياة سكان قرية فلسطينية صغيرة، مستعرضة ثلاثة أجيال شهدت تغيرات كبيرة تحت حكم مختلف القوى الاستعمارية. تتكون الرواية من ثلاث فصول رئيسية تمثل عصور مختلفة: الريح، التراب، والبشر.
الفصل الأول، "الريح"، يستعرض نهاية الحكم العثماني وبداية الاحتلال البريطاني لفلسطين. هنا، يركز المؤلف على اضطرابات العصر ودخول القوات البريطانية، مشبهًا ذلك بحركة الهواء المضطرب أو "الريح". الفصل الثاني، "التراب"، ينظر إلى فترة الانتداب البريطاني وتزايد النفوذ الصهيوني في المنطقة، حتى إعلان وعد بلفور الشهير. يُظهر هذا الجزء كيف تحولت الأرض الفلسطينية تدريجياً تحت قبضة المستوطنين الأوروبيين. أخيرا، يسلط الفصل الثالث، "البشر"، الضوء على سنوات الحرب والثورات والفوضى التي سبقت النكبة عام 1948 وما بعدها مباشرةً. ويpaint صورة صادمة لحياة السكان المحليين الذين واجهوا الخيانة والاستلاب والعنف المتواصل من جميع الجهات.
تلتقط الرواية روح الشعب الفلسطيني ومقاومته اللاعنفية للحفاظ على حقوقه الوطنية. كما تشدد الرواية على أهمية التعليم وحماية الثقافة العربية ضد محاولات محوها. بالإضافة لذلك، توضح كيف تعامل الفلسطينيون مع تحديات الحياة اليومية مثل العقوبات الاقتصادية والقمع السياسي وسلب الأراضي بشكل منهجي من قبل سلطات الاحتلال المختلفة. رغم الظروف القاسية التي تصفها الرواية، إلا أنها تبقى رمزاً للإصرار والإرادة لدى الشعب الفلسطيني لإعادة بناء وطنه واستعادته يوماً ما. إنها دعوة مفتوحة للاعتراف بالقضية الفلسطينية وإزالة الغطاء عن الحقائق المخفية خلف شعارات النزاع الطويل والصراع المستمر بشأن فلسطين.