تعتمد مبادئ العلمانية على عدة محاور أساسية تعمل على ضمان الحقوق الفردية وحماية حرية الاختيار الديني، بالإضافة إلى ترسيخ قيم المساواة والعدالة الاجتماعية. وفيما يلي شرح مفصل لهذه المبادئ:
- فصل الدين عن الدولة: يشكل هذا المبدأ العمود الفقري لنظام العلماني، ويستلزم انفصال المؤسسات الدينية بشكل واضح عن أدوات السلطة الحكومية وإدارتها العامة. إن الغرض منه منع التدخل غير المناسب لرجال الدين وجماعاتهم في سياسات الحكومة اليومية، ومن جهة أخرى، تجنب استخدام مؤسسات الدولة للتأثير على معتقدات الأفراد وممارساتهم الشخصية.
- الحرية الدينية: تسعى العلمانية إلى الدفاع بحزم عن قدرة كل مواطن على ممارسة عقيدته بحرية مطلقة، ودون تعرضه للتمييز بسبب إيمانه أو انحيازه الفكري. ويتيح هذا المبدأ الفرصة للأشخاص لاتخاذ خيارات مستنيرة فيما يتعلق بموقفهم الروحي والثقافي، حتى وإن اختار البعض تحدي التصورات التقليدية واتجاهات الرأي العام السائد حينها. وبينما تشجع العلمانية عبادة الأفراد وعرض معتقداتهم بصورة مسؤولة اجتماعياً، إلا إنها تضع حدوداً عند نقطة التأثير السلبي المتوقع تلك الممارسات والآراء المغالاة عليها.
- المساواة تحت مظلة القانون: تعتبر العدالة أحد الأعمدة الرئيسية للنظم السياسية العالمية الحديثة والتي تبنت نظاما علمانيا للحكم منذ قرنين مضت تقريباً. وهذه النظرة الجديدة للقانون كوسيلة لمراجعة وتعزيز مختلف القضايا الاجتماعية دفعت باتجاه إلغاء كافة أشكال التمييز القائم على أسس مختلفة بما فيها الانتماء العقيدي أو الاجتماعي والثقافي، مما جعل الجميع صغيراً وكبيراً - موحديين كانوا أم ملحدين - سواسية تماماً لدى سلطة الحكم والإدارة المحلية والإقليمية والدولية كذلك.
- حرية الخطاب والنشر: عندما تكون الدين فرعا جانبيا منتفعا وليس المدير التنفيذي لأحداث الدول وتطورها السياسي والفكري، تصبح القدرة على التحليل النقدي والحوار المفتوح حول مسائل الإيمان جزءا طبيعيا من الحياة اليومية للإنسان العادي المعاصر. تسمح العلمانية بتقديم آراء متوازنة حول الموضوعات المثيرة للجدل بغض النظر عن اتجاهاتهم المختلفة، شرط احترام آراء الآخرين وواجبات العمل داخل نظام قانوني مدني رشيد.
- معنى مصطلح "علمانية": غالبًا ماتُستخدم عبارة "العلمانية" لوصف عملية فصل الهيئات الرسمية لدولة ما عمّا يسميه كثيرون بالميكانيكية الدينية؛ ولكن بمعنى أعمق، فإن المصطلح يدور حول الاعتراف بفكرة وجود حياة شخصية مستقلة خارج نطاق المنظومة الجامعية الموحدة المبنية حول فكرة واحدة مركزية واحدة فقط. وقد ظهر هذا النوع من البرامج التشغيلية الجديدة خلال فترة ما بعد القرون الوسطى رداً مباشرا ضد تأثيرات الطوائف المسيحية المتحجرة آنذك والتي أخذت طريقها نحو زاوية الظلام التاريخي تاركة خلفها مجلدات كتابتها القديمة لتغذية ثورة معرفية قادمة ستغير وجه الأرض لاحقا!
وبالتالي، تلخص مبادئ العلمانية رؤيتها بأن الدين ليس ضروريّا لبقاء المجتمع واستقراره وأن الحرية الفكرية والحماية التشريعية هما السبيل الأمثل لتحقيق تنمية بشرية شاملة ومتكاملة ومتسامحة بلا شك أمام تعدد الملل والنحل!!