اتفاقية لاهاي، وهي عبارة عن معاهدتين دوليتين ناتجين عن اثنين من مؤتمرات السلام التي عقدت بمدينة لاهاي الهولندية، تُعد خطوة هائلة نحو وضع إطار قانوني عالمي لحماية المدنيين أثناء الصراعات وتعزيز التفاوض السلمي بين الدول. يعود تاريخ هذا الجهد الرائد إلى العام 1899 عندما اجتمعت ست وعشرون دولة برعاية الإمبراطور الروسي نيكولا الثاني لمناقشة تحديات التحكم في تصاعد التسليح العالمي وإنشاء آلية لتعزيز السلام والاستقرار العالميين.
أدت جهود مؤتمر لاهاي الأول، بعد عدة أشهر من المناقشات المكثفة، إلى العديد من القرارات ذات التأثير التاريخي. أولاً، تم وضع مبادئ توجيهية واضحة لإدارة الأعمال العدائية بما في ذلك القوانين العسكرية والقانون البحري. ثانياً، تمت الموافقة على بروتوكولات تحظر استخدام بعض أنواع الأسلحة المحرمة أخلاقياً كالغازات السامة والقذائف المتفجرة. بالإضافة لذلك، فُتح باب البحث حول الحلول السلمية للاختلافات الدولية.
في حين لم يتم تحقيق هدف الحد من التسليح مباشرة خلال مؤتمر 1899 إلا أنه مهد الطريق أمام المزيد من التقدم. وقد جاء مؤتمر لاهاي الثاني في عام 1907 كمسعى متابعة ليراجع ويطور توصيات سابقه. شهد هذا الاجتماع توسيع نطاق النقاشات لتشمل مسؤوليات البلدان المحايدة ودور القانون الدولي في نزاعات الدين الحكومية. وفي ختام جلساته، صدرت تعليمات بحرمانية زرع ألغام الأرض ونصائح بإجراء مفاوضات لاحقة كل بضعة سنوات لتحقيق مزيد من الانفتاح والحوار الدولي.
إن أهمية اتفاقية لاهاي تكمن ليس فقط في أحكامها الخاصة ولكن أيضاً في روحها الداعية للحفاظ على حياة الإنسان وتحسين الظروف المعيشية حتى تحت وطأة النزاع. إنها شهادة على قدرة المجتمع الدولي على التعاون رغم الاختلافات السياسية والإقليمية لصالح هدف مشترك -وهو تقليل مستوى العنف وتعزيز سيادة القانون ضمن النظام الدولي الحالي.