شهد العصر العباسي تحولاً كبيراً في الهيكل السياسي للدولة الإسلامية بعد الخلافة الأموية. بدأت هذه الفترة بحكم الدولة الأمويّة التي اتسمت بنظام الحكم الملكي المركزي مع وجود مراكز قوى محلية قوية. ومع ذلك، فإن سقوط الأندلس عام 755 م ووصول عبد الله بن محمد إلى السلطة أدخل تغييرات جوهرية في نظام الحكم الإسلامي.
كان لإعادة تنظيم الإدارة المركزية تحت حكم بني عباس تأثير كبير على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. أسس هارون الرشيد، أحد أشهر خلفاء العصر العباسي، حكومة مركزية أقوى بكثير مما كان موجودًا سابقاً. وقد عزز هذا التركيز القوي على السلطة السلطانية دور الخليفة كممثل مطلق للإله على الأرض. كما سمح له بتوسيع نطاق نفوذه بشكل ملحوظ عبر إمبراطوريات متعددة الأعراق والثقافات المتنوعة.
بالإضافة إلى تعزيز البنية الحكومية، شهد العصر العباسي أيضًا ارتفاع مستوى التعلم والفكر. فقد أصبح بغداد، عاصمة الخلافة الجديدة، مركزاً للعلم والمعرفة يجذب المفكرين والمبتكرين من جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك. وكان لهذه البيئة الثقافية الغنية تأثيرات كبيرة على السياسات والقوانين التي شكلت المجتمع الإسلامي خلال تلك الفترة الزمنية الحيوية.
وفي المجال الخارجي، حققت الجيوش العربية الفتوحات الهائلة تحت راية الخلافة العباسية، بما في ذلك غزو شرق أوروبا وآسيا الوسطى. لكن مع مرور الوقت، بدأ الضغط الاقتصادي والحروب المستمرة تؤثران سلبياً على الاستقرار العام للمملكة الواسعة. لذلك، كانت هناك حاجة مستمرة للتوازن الدقيق بين توسعها الإقليمي وتصميمها الداخلي للحفاظ على تماسك المجتمع والدولة.
وفي الختام، يعتبر العصر العباسي مرحلة انتقالية وحاسمة في تاريخ الدولة الإسلامية نظراً للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العديدة التي شهدتها البلاد أثناء حكم الأسرة المالكة الثالثة للخلافة الراشدة. لقد شكلت هذه التحولات أساس العديد من المؤسسات والتقاليد التي أثرت فيما بعد على مسار التاريخ العربي والإسلامي حتى يومنا الحالي.