ردود الفعل في علم النفس: فهم الاستراتيجيات القائمة على الدفاع اللاواعي

التعليقات · 0 مشاهدات

في عالم علم النفس، تعد "ردود الفعل" واحدة من أكثر العمليات النفسية تعقيداً وإثارة للاهتمام. تُعرَّف هذه العملية بأنها استراتيجية دفاعية يقوم بها الأفر

في عالم علم النفس، تعد "ردود الفعل" واحدة من أكثر العمليات النفسية تعقيداً وإثارة للاهتمام. تُعرَّف هذه العملية بأنها استراتيجية دفاعية يقوم بها الأفراد بدون إدراك واعي لاستبدال الرغبات أو المحركات الداخلية غير مرغوب فيها والتي قد تكون مصدر قلق وخوف، بتلك المتناقضة تمامًا. وهذا يحدث غالبًا بطريقة مبالغ فيها ويمكن اعتباره محيراً.

وقد سلط الطبيب النفسي الشهير Sigmund Freud الكثير من الضوء حول أهمية ودور آليات الدفاع مثل ردود الفعل، مما جعل الباحثين الحاليين مهتمين بدراسة تحليلها كنقطة مركزية في سلوكيات الإنسان. تشير نظرية "آليات الدفاع النفسي" هنا إلى كيف ينتصر الفرد أمام مشاعر وأفعال اجتماعية داخلية تعتبرها البيئة المحيطة مرفوضة وغير مقبولة. ولذلك يسعى للتأكيد والدفاع عنها عبر اقناع ذاته أو حتى الغير بصحته وجدارتها بالتقبّل، وهو الأمر الذي عادة ما يتم تجسيده بصورة عدائية أو متسرعة للغاية.

إن لهذه الآليات تأثير عميق على بنية ونظام الشخصية الإنسانية. أولاً، تساعدنا في فهم مدى قدرة علم النفس على التأثير في العلاقات البشرية اليومية واتزانها. ثانياً، توضح لنا كيفية تشكيل وتجلي ردود فعل شخصية تحت ظروف مختلفة، وكيف أنها تكشف جوانب مهمة مخفية خلف تلك التصرفات الواضحة للسطح فقط. كما تساهم كذلك في إيصال سبب شعور البعض بحاجة ملحة لاستخدام آليات دفاع كهذه في مواقف حياتية متنوعة سواء كانت نفسية أو واجتماعية.

من الأمثلة الشائعة لفهم عمل آلية رد الفعل وجود فرد يريد بشدة لبس ملابس بعينها ولكن توقعات المجتمع المحيط له حول ارتدائها ليست مطابقة لرغباته. وفي ظل هذا التعارض الثقافي والعقد الاجتماعي، فإن الشخص لن يدافع مباشرة عن حقّه في الاختيار الحر بل سيخفي انزعاجه الداخلي بالإساءة لمن يختار ملابس مشابهة! وهناك مثال آخر مرتبط بالنقص الداخلي لدى الرجال وقد يؤدي بهم لاتخاذ موقف عدائي ضد العالم الخارجي للحفاظ على صورة الذات واحتراماً لها - خصوصا عندما تواجه تحديات القدرة الجسدية والرجولية التقليدية-. بالإضافة لتجنب ذكر الحقائق المؤلمة كتلك التي تتعلق بموقف ارتباط المرأة السلبي بوالدتها أثناء الحديث العام عنه والتستر عليه باستخدام بيان مغاير لجاني الواقع.

وفي النهاية، يمكن اعتبار اعتماد الفرد بشكل أساسي على هذه الآلية دليلٌ منه نحو نظرة دنيا للحياة كمفارقة بيضاء سوداء خالصة، وليست ذات درجات متفاوتة بين اللونين كما قد يكون في واقع الحياة الأكثر تنوعًا وتعقيدا دائما. إن فهم عملية ردود الفعل أمر ضروري ليس فقط لإرشاد العلاج النفسي ولكنه أيضا خطوة هامة نحو تقدير واحترام التفاصيل الدقيقة والساحرة الموجودة داخل شخصيتنا جميعا.

التعليقات