موقع البوسنة والهرسك الاستراتيجي في قلب أوروبا

التعليقات · 0 مشاهدات

تُعتبر جمهورية البوسنة والهرسك دولة صغيرة ولكنها ذات أهمية كبيرة استراتيجياً، حيث تقع بين عدة دول رئيسية في منطقة البلقان وجنوب شرق أوروبا. وتحديداً،

تُعتبر جمهورية البوسنة والهرسك دولة صغيرة ولكنها ذات أهمية كبيرة استراتيجياً، حيث تقع بين عدة دول رئيسية في منطقة البلقان وجنوب شرق أوروبا. وتحديداً، تحدها كرواتيا إلى الغرب والمجر وصربيا إلى الشمال وكرواتيا مرة أخرى ومونتينيغرو إلى الشرق. أما البحر الأدرياتيكي فهو حدودها الجنوبية عبر شريط ضيق يبلغ طوله حوالي 20 كيلومتراً يعرف باسم "نيوم". هذه الموقع الجغرافي الفريد جعل منها نقطة وصل وحلقة وصل بين العديد من الثقافات والتقاليد المحلية المختلفة التي ساهمت بشكل كبير بتنوعها الحضاري المتفرد.

على الخريطة العالمية، يمكن العثور على البوسنة والهرسك في الجزء الشمالي الشرقي لشبه جزيرة البلقان الأوروبية، وهي جزء من القارة الأوروبية بالكامل رغم وجود بعض الأراضي داخل الحدود الصربية (منطقة بريزرين) والتي تُعرف أيضاً بـ"البوسنة والصرب"، ويطلق عليها سكان المنطقة اسم "الساندجاك". هذا الاختلاف الجغرافي يعكس التعقيد التاريخي للمنطقة ويشير إلى التفاعلات المعقدة التي شهدتها خلال القرون المنصرمة.

بالعودة للتاريخ، كانت البوسنة والهرسك معروفة منذ القدم بموقعها التجاري الحيوي نظرًا لوقوعها عند مفترق طرق تجارية مهمّة تربط بين الشرق والغرب وأوروبا وآسيا. واستمر هذا الدور حتى يومنا الحالي بصورة مختلفة قليلاً لكنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا باقتصاد البلاد وتنوع ثقافتها التي تشكلت نتيجة لتداخل حضارات متنوعة عبر الزمان.

إن فهم مكان وجود البوسنة والهرسك يساعد أيضًا في تصور حقيقة كونها واحدة من أكثر الدول تنوعا تنوعا بيئيا في العالم؛ فهي تمتد فوق مساحة متنوعة تضم سهول وغابات جبلية وشواطيء ساحلية خلابة مما يكسبها جمال طبيعي فريد خاصةً المرتفعات المغطاة بالأشجار الأخضر الواسع والمعروفة محليا بالمروج البيضاء ("بيلا غوريستا"). كما أنها موطن لنهر درينا النيلوذي الأبيض الشهير والذي يشكل أحد مصادر نهر الدانوب الرئيسي بالقرب من مدينة زفورنيك.

ومن الجدير ذكره هنا أنه ليس فقط الموقع الجغرافي ما يجعل البوسنة والهرسك مميزة، بل أيضا تاريخها الثري والحياة السياسية الحديثة المضطربة التي مرت بها عقب انهيار الاتحاد اليوغوسلافي السابق عام ١٩٩١ وما صاحب ذلك من صراع دموي أدى لحرب أهلية دامية انتهت باتفاق دايتون للسلام عام ١٩٩٥ ميلادية وهو الاتفاق الدولي الذي اعترف رسمياً بسيادة الدولة البوسنية ضمن ثلاث كيانات متوازنة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً هي اتحاد البوسنيين والكروات وبنغلادزا الصربي بالإضافة الى العاصمة سربرنيكا المشتركة لكل تلك الأقوام الأصلانية. وهكذا فإن رحلة البوسنة نحو السلام والاستقرار مستمرة بعد عقدين تقريبًا من انتهاء الحرب الأخيرة...رحلة مليئة بالتحديات والأحداث المثيرة!

التعليقات